أخبارالعالم

الإسلام والمسلمون في الجبل الأسود: تاريخ عريق وحضور متنامٍ

الجبل الأسود، أو مونتينيغرو، إحدى الجمهوريات التي كانت ضمن الاتحاد اليوغوسلافي المنهار، وتعود تسميتها بهذا الاسم إلى عام 1435 ميلادية، بينما كانت تُعرف سابقًا بـ”دوكليا” ثم “زيتا”. وبعد سلسلة من التحولات السياسية، أعلنت استقلالها رسميًا في 3 حزيران/يونيو 2006، بعد استفتاء شعبي رجّح الانفصال عن صربيا.
دخل الإسلام إلى الجبل الأسود منذ عام 754 هـ (1353 م) خلال الفتوحات الإسلامية لشبه جزيرة البلقان، فيما تشير بعض المصادر إلى أن وجوده قد يعود إلى القرن الثالث الهجري. وعلى مدار القرون، أصبح الإسلام جزءًا من نسيج البلاد، حيث يشكّل المسلمون اليوم أكثر من 15% من السكان، الذين يقدر عددهم بحوالي 650 ألف نسمة.
ومع تزايد أعداد المسلمين، ظهرت الحاجة إلى بناء المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية، ما أدى إلى انتشار 76 مسجدًا في مختلف المدن، أبرزها في بودغوريكا (العاصمة)، وبار، وكوتور. ولم يقتصر النشاط الإسلامي على بناء المساجد، بل امتد إلى تأسيس مدارس ومؤسسات ثقافية، تشمل ثلاث متاحف إسلامية، ومدرسة للفنون الإسلامية، بالإضافة إلى 19 مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية، يعمل بها أكثر من 355 معلمًا.
وفي خطوة مهمة، وقّعت الحكومة المونتينيغرية اتفاقًا يعترف بالإسلام كأحد الأديان الأساسية في البلاد، مما عزّز حرية المسلمين الدينية ومكانتهم الاجتماعية. وأكد رئيس الجالية الإسلامية، رفعت فيجزيك، أهمية هذه الخطوة، مشيرًا إلى أنها مكّنت المسلمين من تحقيق جانب كبير من حريتهم الدينية.
ويحظى الجبل الأسود بعدد من المعالم الإسلامية التاريخية، أبرزها “جامع شكانيفيتشا” في مدينة بار، الذي يعود إلى القرن السابع عشر. وقد شهد المسجد عمليات ترميم مختلفة، أبرزها في عام 1750، ثم أُضيفت منارته عام 1819. وخلال الحقبة الشيوعية، تعرّض للإهمال حتى تكفّل أحد المحسنين بإعادة ترميمه بالكامل.
وكان للمسلمين دور حاسم في استقلال الجبل الأسود عام 2006، حيث رجّح تصويتهم كفة أنصار الانفصال عن صربيا. ورغم الانقسام في وجهات النظر حول هذه الخطوة، اختار المسلمون دعم الاستقلال سعيًا لضمان حقوقهم الدينية والاجتماعية، والعيش في دولة صغيرة تتيح لهم فرصًا أكبر لتحقيق أهدافهم.
ورغم التحديات، حافظ المسلمون في الجبل الأسود على هويتهم الثقافية والعقائدية، مؤكدين حضورهم كجزء فاعل من المجتمع، ومساهمين في الحفاظ على التوازن الحضاري بين الثقافات الأوروبية والإسلامية في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى