
تواجه ميانمار كارثة إنسانية كبرى عقب زلزال عنيف بقوة 7.7 درجة ضرب البلاد، الجمعة، في أقوى هزة أرضية تشهدها منذ عقود، وسط مخاوف من ارتفاع أعداد القتلى إلى 100 ألف شخص، وفق تقديرات المسح الجيولوجي الأميركي (USGS).
ووقع الزلزال على عمق ضحل شمال غرب مدينة سايجين، مما أدى إلى إطلاق تنبيه أحمر بسبب الخسائر البشرية والاقتصادية المتوقعة، فيما أشارت التقييمات الأولية إلى أن الكارثة قد تكون واسعة النطاق، مع تضرر مناطق مأهولة بالسكان، أبرزها مدينة ماندالاي، التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة.
وحتى صباح السبت، أعلنت الحكومة العسكرية في ميانمار عن مقتل أكثر من 1000 شخص، وإصابة ما يزيد عن 2000 آخرين، إلا أن تحليل (USGS) قدّر احتمالية بنسبة 35% بأن يتراوح عدد القتلى بين 10,000 و100,000 شخص، مع توقعات بأن تصل الخسائر الاقتصادية إلى عشرات المليارات من الدولارات، متجاوزة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وأثارت الكارثة مخاوف بشأن قدرة ميانمار المعزولة دوليًا على الاستجابة بفعالية، حيث تعاني البلاد من بنية تحتية ضعيفة، ونظام صحي متدهور نتيجة الحرب الأهلية المستمرة منذ انقلاب 2021. كما أن معظم المناطق المتضررة يقطنها نحو 2.8 مليون شخص، يعيشون في مبانٍ مصنوعة من الخشب والطوب غير المدعوم، مما يجعلها عرضة بشكل كبير للانهيار خلال الزلازل.
ووفقًا للخبراء، فإن الزلزال نتج عن انزلاق جانبي في صدع سايجين، وهو صدع طوله 1200 كيلومتر، مما جعله قادرًا على توليد زلازل قوية. وأكدت ريبيكا بيل، خبيرة التكتونيات في كلية إمبريال لندن، أن “الطبيعة المستقيمة للصدع تعني أن الزلازل يمكن أن تحدث على مساحات واسعة، مما يزيد من قوتها التدميرية”.
كما شهدت المنطقة هزة ارتدادية بقوة 6.7 درجة، فيما حذّر الخبراء من احتمال وقوع هزات إضافية خلال الأيام المقبلة.
وأشار إيان واتكينسون، من جامعة رويال هولواي في لندن، إلى أن الزيادة في المباني الشاهقة المصنوعة من الخرسانة المسلحة، إلى جانب ضعف تطبيق معايير البناء، جعلت البلاد أكثر عرضة للخسائر الفادحة.
وفي السياق ذاته، أوضح كريستيان مالاغا-تشوكيتايب، من قسم الهندسة المدنية والبيئية في كلية إمبريال لندن، أن تأثير الزلزال امتد إلى بانكوك، حيث ساهمت طبيعة التربة النشطة في تضخيم الهزات الأرضية، إضافةً إلى العيوب التصميمية في المباني.
ونظرًا لاستمرار موسم الأمطار في المنطقة، وارتفاع احتمالات حدوث هزات ارتدادية قوية، فإن التوقعات تشير إلى زيادة معاناة السكان، وسط بطء الاستجابة الإغاثية، مما يجعل كارثة ميانمار واحدة من أسوأ الكوارث الزلزالية في العقود الأخيرة.