حشود غفيرة تحيي ليلة القدر في مراقد أهل البيت (عليهم السلام) وسط أجواء مفعمة بالإيمان والخشوع

في ظلال ليلة من ليالي القدر المباركة، حيث تتنزل الملائكة والروح بإذن ربهم، شهدت مراقد أهل البيت (عليهم السلام) في العراق وخارجه مشاهد مهيبة من الخشوع والابتهال، إذ احتشد آلاف المؤمنين، قادمين من مختلف المدن العراقية ومن أصقاع الأرض، ليرفعوا أكفّ الدعاء والتضرّع في ساحة العفو الإلهي.

في النجف الأشرف، عند مرقد أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، ترددت أصداء الآهات الحرى، وقد امتزجت بدموع المحبين الذين أحيوا ذكرى استشهاده الأليم، متأملين في سيرته المضيئة التي جسدت العدالة الإلهية في أنقى صورها. وفي كربلاء المقدسة، اكتظت الروضة الحسينية والعباسية بالمصلين والذاكرين، الذين أحيوا هذه الليلة بخشوع، بين تلاوة آيات القرآن الكريم ورفع المصاحف على الرؤوس، استذكارًا لعظمة هذه الساعات التي تُرجى فيها مغفرة الذنوب وقبول الأعمال.

أما في الكاظمية وسامراء، حيث يرقد الإمامان الجوادان والعسكريان (عليهم السلام)، فقد عمّت الأجواء الروحانية أروقة العتبات الطاهرة، في مشاهد تجلّى فيها حب أهل البيت (عليهم السلام) في قلوب زوارهم، الذين لم تمنعهم المسافات ولا المصاعب من نيل بركات هذه الليلة المباركة.

وامتد إشراق هذه الليلة المقدسة إلى دمشق، حيث احتشد الزوار في العتبة الزينبية، مستلهمين من عقيلة بني هاشم، السيدة زينب (عليها السلام)، دروس الصبر والثبات، رغم ما تمر به سوريا من ظروف صعبة.

وفي إيران، كان لمشهد الإمام الرضا (عليه السلام) وقم المقدسة عند مرقد السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) نصيب وافر من هذه الأجواء الإيمانية، إذ تقاطر الموالون من كل حدب وصوب ليغترفوا من معين الرحمة الإلهية.

وفي كل بقعة ضمّت محبي أهل البيت (عليهم السلام)، ارتفعت الأصوات بالدعاء، بأن يحفظ الله شيعة أهل البيت في كل مكان، وأن يعجل فرج مولانا الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، ليبدد بظهوره ظلمات الجور وينشر العدل في ربوع المعمورة.

ليلة القدر، حيث تتلاشى الحدود بين الأرض والسماء، وحيث الأرواح تفيض أملاً ورجاءً، كان العهد المتجدد في القلوب بأن تبقى هذه المشاهد الطاهرة منارات للهداية ومآذن للعشق الإلهي، تنبض بنداء الحق الخالد.


