هكذا يحيي الإيرانيون ليالي القدر: صلاة ودعاء وعزاء في رحاب أمير المؤمنين عليه السلام

في مشهد مهيب يغمره الخشوع، توجه ملايين الإيرانيين، عشية الجمعة، إلى المساجد والعتبات المقدسة في أرجاء البلاد لإحياء ليلة القدر المباركة، التي تصادف ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، وهي الليلة التي ارتقى فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جوار ربه متأثراً بجراحه في محراب مسجد الكوفة.

وفي العاصمة طهران، كعادتها، احتضنت العتبة المقدسة للسيد شاه عبد العظيم الحسني عشرات الآلاف من المصلين، الذين تدفقوا بعد الإفطار وأداء صلاتي المغرب والعشاء في المساجد والحسينيات، ليتحول صحن العتبة إلى بحرٍ من المؤمنين، يرفعون أيديهم بالدعاء والابتهال، مستذكرين في هذه الليلة العظيمة أعظم فاجعة في تاريخ الإسلام.

ولم يكن مشهد الإحياء مقتصرًا على طهران وحدها، بل امتد إلى كافة المدن الإيرانية، حيث امتلأت المراقد المقدسة والمساجد الكبرى بالمؤمنين الذين قضوا ساعات الليل في تلاوة القرآن، وقراءة دعاء الجوشن الكبير، ورفع المصاحف على الرؤوس، وطلب المغفرة والرحمة.

وفي الطريق المؤدي إلى صحن الإمام علي عليه السلام في مدينة ري، وقف طلبة الحوزة العلمية متطوعين لخدمة الزائرين، حيث قال الشيخ علي رضا، أحد المتطوعين: “نحن هنا لنخدم زوار هذه الليالي المباركة، عسى أن تكون هذه الليلة سلام حتى مطلع الفجر، لما تحمله من الفضل والبركة.”

وبعد ساعة ونصف من دعاء الجوشن الكبير، علت أصوات البكاء والنحيب، مع بدء مجلس العزاء في ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام، حيث استحضر الخطباء والرواديد آخر لحظات أمير المؤمنين، وهو مسجى في داره، وأبناؤه حوله، والمدينة تعج بالحزن والأسى، في أجواء خاشعة امتزجت فيها دموع التوبة بدموع الفقد والولاء.

هكذا، أحيى الإيرانيون أولى ليالي القدر، متضرعين إلى الله بقلوب ملؤها الرجاء، ومتوشحين بالسواد حزنًا على أمير المؤمنين عليه السلام، في مشهد يعكس الروحانية العميقة التي تميز هذه الليالي المباركة، حيث تتلاقى الأرواح في رحاب الدعاء والعزاء.

















