أخبارالعتبات والمزارات المقدسة

مدينة سامراء المقدسة تحتضن تشييعًا رمزيًا لأمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام)

في أجواء مهيبة تغلفها الدموع وتخنقها العَبرة، احتضن صحن الإمامين العسكريين عليهما السلام مراسم التشييع الرمزي لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في مشهد يبعث في القلوب لوعات الفقد وحرقة المصاب.


مع ساعات الفجر الأولى، انطلقت المواكب الحسينية من مجمع السيدة حكيمة عليها السلام، حيث حمل المعزون نعشًا رمزيًا يعبق بالحزن، يسيرون بخطى يثقلها الأسى، متوجهين نحو رواق الإمام الهادي عليه السلام، وكأنهم يعودون بالزمن إلى ليلة التشييع الحزينة، حين حملت الأيدي المرتعشة نعش الإمام الجريح تحت جنح الظلام، خوفًا من بطش الأعداء.


الجموع الغفيرة، التي احتشدت في الصحن الطاهر، لم تكن تلك الجموع مجرد معزين، بل كانوا قلوبًا تنزف وجعًا، وأرواحًا تسير على خطى الحسنين عليهما السلام، وهما يودعان والدهما المفجوع بالجراح. ارتفعت أصوات النحيب، فيما علت الرايات السوداء، وكأن سامراء تحولت إلى الكوفة، حيث تتكرر فاجعة وداع الإمام من جديد.


وفي خضم هذه الأجواء المليئة بالحزن، اعتلى المنبر الشيخ ميثم الخفاجي، يسرد فصولًا من المصاب، حيث ذرفت العيون دموعها، واستعادت القلوب صرخة جبرائيل في السماء: (تهدمت والله أركان الهدى). وبين الجموع، ارتفع صوت الرادود ملّا حميد التميمي، يصدح بالمراثي التي مزجت كلماتها بحرقة الفقد ومرارة الفراق، لتكتمل صورة المشهد، حيث الأمة تودع وصي رسول الله كما ودعته ذات فجر، يتيمًا مخضبًا بدم الشهادة.


كان التشييع في مدينة سامراء أكثر من مجرد مراسم، كان استعادة للوجع، وتذكيرًا بليل حالك افتقد فيه الإسلام قائده العادل. وبين أنين المعزين وصدى المراثي، ترددت الحقيقة الخالدة: رحل الإمام، لكن عدالته لم ترحل، واستشهد الجسد، لكن المبادئ لم تمت، وستبقى ذكراه نورًا يضيء الدروب، مهما اشتد ظلام الجور والخذلان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى