أخبارالعالم الاسلاميالعراق

في مشهد يدهش الأذهان.. أهالي الناصرية يرسمون لوحات الحزن العلوي على طريقتهم الجنوبية

رسمت مدينة الناصرية، جنوب العراق، لوحة من الحزن المتلاطم في مشهد مهيب لم تشهد له الأزمان مثيلًا، حيث انطلق أهلها زرافاتٍ ووحدانًا، كالسيل الجارف، يملأون الطرقات والأزقة، حزنًا وتفجعًا بذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
هذه المدينة، التي عُرفت بولائها الصادق لأهل البيت عليهم السلام، خرجت عن بكرة أبيها، ترفع رايات العزاء، وتردد هتافات الأسى، وكأنما التاريخ قد عاد ليشهد كيف تفيض القلوب باللوعة، وكيف تتوشح الأرواح بالسواد.


تعالت أصواتهم بهوساتهم التراثية، تلك الأهازيج الحزينة التي تسكن ضمير الجنوب العراقي، فكانت الكلمات تخرج من الأعماق، لا مجرد ألفاظ، بل أنين قلوب مجروحة بفقد سيد الأوصياء. في كل زاوية، وعلى كل شبر من أرض الناصرية، كانت المواكب تسير بثبات، تسكب دموعها بحرقة، وتهتف باسم علي عليه السلام كأنها تعيد بيعة الوفاء له، في زمن كثر فيه الجفاء.
لم يكن المشهد مجرد تجمع بشري، بل كان ملحمة عشق ووفاء، حيث التقت الأجيال، الكبير والصغير، الرجال والنساء، في نهر من الحزن، يروون به الأرض التي ما زالت تحفظ عهدها لمولى الموحدين.
في هذه الليلة الحزينة، لم تكن الناصرية وحدها من بكت، بل كان الكون كله يئن لفقد سيد العدل والحق، ذاك الإمام الذي وقف في محرابه، ليخضب جبينه بسيف الغدر، فزَّت السماء لفقده، وانكسر قلب الزمان.
وهكذا، تثبت الناصرية مرة أخرى أنها مدينة لا تنسى أئمتها، ولا تساوم على حبها لعليٍ عليه السلام، فكانت دموعها اليوم دموع ولاء خالد، لا تجف ولا تزول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى