
في مثل هذا اليوم، الثاني عشر من آذار/مارس عام 1930، انطلقت “مسيرة الملح”، التي قادها الزعيم الهندي المهاتما غاندي، في واحدة من أبرز محطات الكفاح السلمي ضد الاستعمار البريطاني، حيث شكّلت نقطة تحول في نضال الهند نحو الاستقلال.
عُرفت المسيرة أيضًا باسم “عصيان الملح” أو “مسيرة داندي”، واستمرت لمدة 24 يومًا، حيث بدأ غاندي رحلته من مدينة أحمد آباد، قاطعًا مسافة 400 كيلومتر وصولًا إلى مدينة داندي الساحلية، بهدف تحدي احتكار البريطانيين لإنتاج الملح وفرضهم ضرائب باهظة عليه.
وسط تصاعد الفقر والبطالة والظلم الاستعماري، كانت هذه المسيرة إحدى تجليات مبدأ “الساتياجراها”، الذي أسسه غاندي، داعيًا إلى المقاومة السلمية وعدم استخدام العنف كوسيلة لمقاومة الاحتلال.
عند وصوله إلى ساحل داندي، أمسك غاندي حفنة من الملح وقذفها في الهواء، معلنًا انطلاق العصيان المدني ضد احتكار الملح، وداعيًا الهنود إلى إنتاج الملح بأنفسهم. أثار هذا الحدث موجات من الاحتجاجات السلمية والعصيان المدني في جميع أنحاء الهند، ما جعل الاحتلال البريطاني في موقف حرج أمام المجتمع الدولي.
لم تمر هذه المسيرة دون رد فعل بريطاني، حيث اعتُقل غاندي في 5 مايو 1930، إلا أن تأثير الحركة استمر بقوة، وأدت إلى سجن أكثر من 80 ألف هندي. كما سلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على التظاهرات، ما عزز من زخم حركة الاستقلال الهندية، التي استمرت حتى إعلان استقلال الهند عام 1947.
ألهمت “مسيرة الملح” العديد من الحركات الاحتجاجية السلمية حول العالم، وكان لها أثر واضح على الناشط الأمريكي مارتن لوثر كينغ في نضاله ضد التمييز العنصري، إذ تبنى مبادئ العصيان المدني التي مارسها غاندي. كما شكّلت الأحداث التي تلتها، مثل “أحداث داراسانا”، دليلًا على فاعلية المقاومة السلمية في مواجهة الأنظمة القمعية.
رغم أن المسيرة لم تُحقق تنازلات كبيرة فورية من البريطانيين، إلا أنها كانت نقطة فارقة في تاريخ الهند، وأثبتت للعالم أن النضال السلمي يمكن أن يكون أداة قوية في مواجهة الاستعمار والظلم الاجتماعي والسياسي.