قشلة كركوك.. معلم عثماني يصارع الزمن ليبقى شاهدًا على التاريخ

تعد قشلة كركوك، إحدى أبرز المعالم التاريخية في مدينة كركوك شمال العراق، رمزًا شامخًا لفترة الوجود العثماني الذي امتد لأكثر من قرن ونصف. رغم مرور الزمن، ما زال المبنى يحتفظ بجماله المعماري ويصارع عوامل التعرية لتظل شاهدًا على تاريخ طويل من الحضارة والعمارة العسكرية العثمانية.
تأسس هذا المبنى في عام 1863 ليكون مقرًا عسكريًا للجيش العثماني في محافظة كركوك، وتُعد اليوم قشلة كركوك واحدة من الوجهات السياحية المشهورة في العراق، إذ تحولت إلى متحف فولكلوري يعكس تراث المدينة وتنوع ثقافاتها.
يعود اسم “القشلة” إلى اللغة التركية، ويعني المكان الذي يقيم فيه الجنود في فصل الشتاء، وقد كان المبنى في زمن الحرب ثكنة عسكرية للجنود والمخازن العسكرية. ومع مرور الزمن، أصبح هذا المعلم التاريخي يعكس أكثر من مجرد مقر عسكري، ليصبح مركزًا يحكي قصة التعايش السلمي بين مختلف الأقليات القومية في المدينة.
تُظهر الواجهة الأمامية للمبنى إيوانين يتوسطهما المدخل الرئيسي، الذي يفضي إلى رواق طويل على جانبيه غرف كبيرة ذات أقواس دائرية قائمة على أعمدة حجرية، وقد تم بناء القشلة باستخدام الحجر والجص، وهما المادتان الرئيسيتان في البناء العثماني. يحتوي المبنى على 24 قاعة فسيحة و12 غرفة ذات أعمدة وأقواس وقباب، وتتميز أقواسها المدببة بأنها إحدى مميزات البناء العثماني.
رغم تعرض جزء من القشلة للانهيار بسبب عوامل التعرية والأمطار في عام 2016، فقد بذلت دائرة الآثار والتراث في كركوك جهودًا كبيرة لإعادة ترميم الأجزاء المتضررة وفق نفس الطراز العثماني.
وفيما يخص المتحف الفولكلوري، يحتوي المبنى على مجموعة من التماثيل والأدوات التي تمثل العادات والتقاليد لأهالي كركوك، حيث يعكس المتحف ثقافة القوميات المتنوعة في المنطقة والمهن الشعبية التي كانت سائدة في أسواق المدينة.
وفي تصريح لـرائد عكلة، مدير دائرة الآثار والتراث في كركوك، أشار إلى أن “قشلة كركوك هي جزء أساسي من تاريخ المدينة، وتستقطب الزوار من داخل العراق وخارجه، ليتعرفوا على أسلوب البناء العثماني وأهمية هذا المعلم التاريخي.”
من جانبه، قال سالم يوسف، المتخصص بالسياحة والآثار في كركوك، “تعد قشلة كركوك نموذجًا معماريًا فريدًا، وقد حافظت على هيكلها العام رغم مرور الزمن، ويحتاج البناء إلى صيانة مستمرة.”
عباس علي، أحد الزوار من البصرة، أكد أن المواقع التاريخية في العراق بحاجة إلى رعاية واهتمام حكومي، مشيرًا إلى أن السياحة يمكن أن تكون مصدرًا مهمًا للإيرادات المالية.
قشلة كركوك، بما تحمله من تاريخ وحضارة، ما زالت تحتفظ بجاذبيتها كأحد أعرق المعالم في المدينة، وتستمر في كونها واجهة سياحية مميزة ومصدر فخر لمدينة كركوك والعراق بأسره.