الموصل القديمة تنهض من الركام.. جامع النوري يستقبل المصلين لأول مرة منذ 11 عامًا

بعد سنوات من الدمار الذي خلفه تنظيم د1عش، تعود الحياة إلى أحياء الموصل القديمة، حيث اكتملت إعادة إعمار جامع النوري الكبير، ليفتح أبوابه للمصلين لأول مرة مع بداية شهر رمضان. هذا الحدث التاريخي يأتي بعد جهود واسعة قادها شباب المدينة، مدعومة بمبادرات دولية، لإحياء تراث الموصل وإعادة الأمل لسكانها.
تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية سلط الضوء على مشاعر أهالي الموصل القديمة وهم يستعيدون حياتهم من جديد، مشيرًا إلى أهمية المدينة كمركز تراثي وحضاري. أشار التقرير إلى أن مشاركة الشباب في عمليات إعادة الإعمار ستكون محفزًا لعودة العديد من العائلات إلى مناطقها، لا سيما مع إعادة افتتاح جامع النوري لأول مرة منذ 11 عامًا.

مشروع “إحياء روح الموصل”، الذي تبنته منظمة اليونسكو، كان له دور أساسي في إعادة إعمار الجامع والعديد من البيوت التراثية، مما ساهم في استعادة الطابع المعماري للمدينة.
أحد أهم المعالم التي تمت استعادتها في الموصل هو منارة الجامع الحدباء، التي يبلغ ارتفاعها 45 مترًا وتعود للعام 1172. أشرفت اليونسكو على إعادة ترميمها، وأعيد افتتاحها الشهر الماضي. يقول المهندس عمر طاقة، المسؤول عن مشروع إعادة إعمار الجامع: “أهالي الموصل سعداء جدًا. اللمسات الأخيرة لم تكتمل بعد، ولكننا تمكنا من فتح الجامع للمصلين في رمضان. هذا المشروع هو الأكبر لليونسكو عالميًا، ونُفذ بميزانية 50 مليون دولار”.

جمعية “بيتونة التراثية”، التي أسسها شاكر معن، لعبت دورًا كبيرًا في استعادة الهوية التراثية للموصل. يقول معن: “بعد تحرير المدينة، بدأنا بإزالة الأنقاض بأنفسنا، وعثرنا على جثث وقنابل غير منفجرة. استطعنا أخيرًا تحويل هذا البيت التراثي إلى مقهى ومركز ثقافي لإحياء التراث المحلي”.
بهذا، تكتب الموصل القديمة فصلاً جديدًا من تاريخها، حيث تنهض من تحت الركام لتستعيد مجدها، مستندة إلى إرثها العريق وعزيمة أبنائها الذين يصرون على إعادة الحياة إلى مدينتهم العزيزة.
