
لا يزال نص حضارة وادي السند، الذي يعود إلى آلاف السنين، يشكل لغزًا محيرًا للعلماء والباحثين حول العالم. في خطوة مثيرة، أعلن رئيس وزراء إحدى الولايات الهندية مؤخرًا عن جائزة قدرها مليون دولار تُمنح لأي شخص ينجح في فك شفرة هذا النص الغامض، الذي يمثل جزءًا من حضارة متقدمة ازدهرت في المنطقة التي تعرف اليوم بباكستان وشمال الهند.

ويعتقد الخبراء أن فك شفرة هذا النص قد يساعد في تسليط الضوء على حضارة وادي السند، التي يعتقد أنها كانت تنافس حضارتي مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين في تطورها. تميزت هذه الحضارة بتخطيط حضري متقدم، وأنظمة صرف صحي، وشبكات طرق تجارية واسعة النطاق، مما جعلها واحدة من أبرز الحضارات في العصر البرونزي، وفقًا لما نشرته شبكة “سي إن إن”.
وعلى الرغم من ذلك، يظل فك شفرة هذا النص تحديًا كبيرًا نظرًا لعدد محدود من القطع الأثرية التي تحتوي على النصوص، وغياب نصوص ثنائية اللغة مشابهة لحجر رشيد الذي ساعد في فك شفرة الهيروغليفية المصرية القديمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم النقوش المكتشفة قصيرة جدًا، مما يجعل عملية التحليل أكثر تعقيدًا.

يسعى باحثون مثل راجيش بي إن راو من جامعة واشنطن إلى تحليل الأنماط في النصوص باستخدام تقنيات الكمبيوتر المتقدمة، بهدف فهم كيفية عمل هذه اللغة القديمة. ومع ذلك، يتطلب هذا التقدم تعاونًا دوليًا وتمويلًا كبيرًا، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى المواقع الأثرية في مناطق حدودية متنازع عليها.
إلى جانب التحديات الأكاديمية، يحمل فك شفرة هذا النص أبعادًا سياسية وثقافية عميقة. هناك جدل حول أصول شعب وادي السند وأحفادهم، حيث تدعي مجموعات مختلفة أن هذه الحضارة تنتمي إليها. هذا الجدل يزيد من حدة المنافسة حول فك الشفرة، حيث يمكن أن تؤدي النتائج إلى إعادة كتابة التاريخ الثقافي للهند وجوارها.

على الرغم من هذه التحديات، تظل الباحثة نيشا ياداف، التي كرست ما يقارب 20 عامًا لدراسة هذا النص، متفائلة. وتؤمن بأن فك شفرة النص سيفتح نافذة على حياة وأفكار شعب وادي السند، مما سيسلط الضوء على جزء مهم من تاريخ البشرية.
مع استمرار الجهود لفك هذا اللغز، تظل جائزة المليون دولار حافزًا قويًا للباحثين والهواة على حد سواء، الذين يأملون في أن يكونوا أول من يكشف أسرار هذه الحضارة القديمة.