
في خطوة غير مسبوقة، يسعى يوروشيهيرو موراي، حاكم مدينة مياجي الواقعة في أقصى شمالي اليابان، إلى تنفيذ مشروع إنشاء أول مقبرة خاصة بالمسلمين، استجابة للحاجة المتزايدة بين أفراد الجالية المسلمة الذين يرفضون حرق الجثامين لأسباب دينية. إلا أن هذه المبادرة تواجه موجة اعتراضات واسعة من جهات شعبية ورسمية متطرفة.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “سانكي شيمبون” وترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، فقد تلقت إدارة المدينة أكثر من 1,200 اتصال من جهات أعربت عن رفضها للمشروع، غير أن موراي أبدى تمسكه بالمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، مؤكدًا أن اليابان بحاجة إلى بيئة أكثر شمولية وتنوعًا في ظل تزايد أعداد العمال الأجانب، وخاصة القادمين من الدول الإسلامية.
وقال المسؤول المحلي في تصريح صحفي: “يجب علينا تنفيذ ذلك حتى لو كان هناك انتقادات”، مشيرًا إلى أن بعض اليابانيين من غير المسلمين يفضلون خيار الدفن على الحرق، ما يعكس الحاجة إلى خيارات أكثر تنوعًا في البلاد.
وكان موراي قد أعلن منذ 23 كانون الأول الماضي، خلال مؤتمر صحفي دوري، أن البحث جارٍ عن موقع مناسب لإنشاء المقبرة، نظرًا لصعوبة إيجاد مساحة داخل المناطق الحضرية، مضيفًا: “من غير المنطقي أن تتجاهل الحكومة هذه القضية، بينما تتحدث عن مجتمع متعدد الثقافات”.
وتأتي هذه المبادرة في وقت تسعى فيه مدينة مياجي إلى استقطاب العمالة الإندونيسية، إذ وقّعت في عام 2023 مذكرة تفاهم مع الحكومة الإندونيسية لاستقدام عمال مهرة، يشكّل المسلمون نسبة كبيرة منهم. وعلى الرغم من أن القانون الياباني لا يحظر الدفن التقليدي، إلا أنه يتطلب موافقات محلية صارمة، حيث تبلغ نسبة حرق الجثامين في اليابان نحو 99.97% وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة لعام 2017، كما أن عدد المقابر التي تسمح بالدفن في البلاد لا يتجاوز العشر، مما يعكس تحديات كبيرة في توفير بدائل مناسبة للمسلمين.
ولا تقتصر هذه التحديات على مدينة مياجي وحدها، إذ توقفت خطة مماثلة في مدينة “أويتا” جنوبي اليابان لإنشاء مقبرة للمسلمين، بعدما عارض العمدة الجديد لبلدة “هينودا” المشروع، مما يكشف عن العقبات السياسية والاجتماعية التي تواجه هذه المبادرات في اليابان.
وبينما تستمر المعارضة، يرى مراقبون أن مشروع المقبرة الإسلامية في مياجي قد يكون خطوة فاصلة نحو تحقيق تنوع ديني وثقافي أوسع في البلاد، خاصة مع تزايد أعداد المسلمين بين السكان الأجانب والعاملين في اليابان.