أخبارالعالمالعالم الاسلامي

الحجاب الإسلامي.. هوية متجذرة في الأديان والثقافات وتعبير عن الكرامة والحرية

أكدت الكاتبة والصحفية الاستقصائية الأمريكية، نينا كريستيانسن، أن الحجاب الإسلامي لم يكن يومًا مجرد ظاهرة حديثة أو خاصة بالإسلام وحده، بل هو امتداد لتقاليد دينية وثقافية عريقة موجودة في مختلف الأديان والمجتمعات، مشيرة إلى أن تغطية الشعر كانت رمزًا للحياء والكرامة في الأديان الإبراهيمية وغيرها.
وفي مقالٍ ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، أوضحت كريستيانسن أن شعر المرأة لطالما حمل رمزية خاصة، إذ اعتُبر في العديد من الأديان علامة على الكرامة والحياء والاحترام. ففي المسيحية، أوصى القديس بولس قبل نحو ألفي عام بأن تغطي المرأة رأسها أثناء الصلاة، معتبرًا أن الشعر الطويل هو زينتها وحجابها الطبيعي. أما في المجتمعات اليهودية المحافظة، فتلتزم النساء بتغطية شعرهن بطرق مختلفة، سواء عبر الأوشحة، أو القبعات، أو حتى الشعر المستعار.
وأضافت الكاتبة أن الحجاب في الإسلام جاء امتدادًا لهذه القيم، فهو جزء من نظام شامل يعزز الحياء والاحتشام، وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة النور: “وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ”، في إشارة إلى ضرورة التستر والحفاظ على خصوصية المرأة، ما يعكس تشريعًا إلهيًا لحمايتها وتعزيز مكانتها في المجتمع.
كما لفتت إلى أن تغطية الرأس لم تقتصر على المجتمعات الإسلامية فقط، بل كانت منتشرة في أوروبا حتى القرن العشرين، حيث كان من الشائع أن تغطي النساء شعرهن في الكنائس وحتى في الحياة اليومية، وكان ذلك يُنظر إليه كعلامة على الاحترام والتواضع. ومع تغير الأعراف الاجتماعية، تراجعت هذه العادة في العديد من الدول الغربية، لكنها لا تزال قائمة في بعض الطوائف المسيحية المحافظة، مثل الأرثوذكس الإثيوبيين والكاثوليك التقليديين.
وأشارت كريستيانسن إلى أن الجدل حول الحجاب لا يزال قائمًا في المجتمعات الغربية، إذ يراه البعض قيدًا اجتماعيًا، بينما تعتبره العديد من النساء المسلمات خيارًا شخصيًا نابعًا من قناعة ذاتية وليس إملاءً خارجيًا. كما أنه أصبح في بعض الأحيان رمزًا للمقاومة ضد الصور النمطية والتمييز، حيث تسعى النساء المحجبات إلى إثبات أن الحجاب لا يتعارض مع التعليم أو النجاح المهني أو المشاركة الفاعلة في المجتمع.
وأوضحت الكاتبة أن الحجاب لم يكن مجرد تقليد اجتماعي، بل أصبح جزءًا من العقيدة الدينية لدى العديد من الجماعات، مثل النساء في الطائفة المينونايتية البروتستانتية المحافظة في القرن التاسع عشر، اللواتي التزمن بغطاء الرأس كجزء من اللباس اليومي. ومع مرور الزمن، تحول هذا التقليد إلى عقيدة دينية يتمسك بها البعض بشدة، معتبرين أن تغطية الشعر علامة على الإيمان والتواضع.
أما في الإسلام، فقد كان الحجاب جزءًا من التشريع الإلهي، يهدف إلى صون المرأة من النظرات الدونية وتعزيز مكانتها في المجتمع، وقد اختلفت أشكاله عبر العصور، من الخمار التقليدي إلى النقاب والبرقع، وفقًا للثقافات والعادات المحلية.
واختتمت كريستيانسن مقالها بالتأكيد على أن الحجاب الإسلامي ليس مجرد لباس، بل هو تعبير عن القيم والهوية والكرامة، مشيرة إلى أن المرأة المسلمة تفخر بارتدائه بثقة، بعيدًا عن الضغوط المجتمعية التي تحاول فرض معايير محددة للجمال والمظهر. وفي عالمٍ تتعدد فيه الثقافات والهويات، يبقى الحجاب جزءًا أساسيًا من الخيار الشخصي للمرأة المسلمة، يعكس التزامها الديني وقناعتها الذاتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى