
أعلنت الحكومة الفرنسية رسميًا إدراج مهنة “الإمام” ضمن قائمة الوظائف المعترف بها، في خطوة وصفتها بـ”التاريخية”، تهدف إلى تنظيم عمل الأئمة داخل البلاد وإدماجهم في الخدمة العامة بالمستشفيات والجيش. وجاء هذا الإعلان على لسان وزير الداخلية برونو ريتيللو خلال الاجتماع الثاني لمنتدى الإسلام الفرنسي (FORIF)، حيث شدد على “أهمية دور الأئمة في المشهد الديني الفرنسي” وعلى “ضرورة بناء علاقة قائمة على الثقة والمسؤولية بين الدولة والمسلمين”.
ورغم أن هذا القرار قد يبدو خطوة إيجابية، إلا أنه يأتي في سياق سياسات متناقضة تجاه المسلمين، إذ يتزامن مع تصاعد موجات العداء للإسلام في البلاد. فقد سجلت فرنسا العام الماضي 173 حادثة معادية للمسلمين، وسط تقديرات تشير إلى أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بسبب عدم الإبلاغ عن العديد من الاعتداءات. وفي محاولة لاحتواء الظاهرة، أعلنت الحكومة عن إطلاق “منصة إلكترونية” للإبلاغ عن الإسلاموفوبيا، وهي خطوة أثارت تساؤلات حول مدى جدية السلطات في مكافحة التمييز الديني.
ويرى مراقبون أن هذا الاعتراف الرسمي بالمؤسسات الإسلامية لا يعكس بالضرورة تحوّلًا جوهريًا في سياسات الدولة، خاصة في ظل القيود الصارمة المفروضة على المسلمين، مثل حظر الحجاب في المدارس وأماكن العمل، والتضييق على الجمعيات الإسلامية. ويشير محللون إلى أن فرنسا، التي ترفع شعار حماية الحريات الدينية، تبدو متخبطة في تعاملها مع المسلمين بين الاعتراف الرسمي من جهة، والإجراءات التي تعزز الشعور بالتهميش من جهة أخرى.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمثل هذا القرار تحولًا حقيقيًا نحو الاعتراف بالإسلام كجزء من النسيج الفرنسي، أم أنه مجرد إجراء شكلي لا يغير من الواقع الصعب الذي يعيشه المسلمون في فرنسا؟