رحيل الشيخ حسين الأعلمي الحائري.. ناشر التراث الشيعي وصانع التحولات في عالم النشر
![](https://shiawaves.com/arabic/wp-content/uploads/sites/3/2025/02/photo_2025-02-11_22-29-32-696x470.jpg)
بعد حياة حافلة بنشر تراث أهل البيت (عليهم السلام)، رحل الشيخ حسين الأعلمي الحائري، مؤسس مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الذي لعب دورًا محوريًا في تعزيز حضور الكتب الشيعية وجعلها جزءًا من المشهد الثقافي والفكري في العالم العربي.
وُلد الشيخ الأعلمي في النجف الأشرف، حيث تلقى العلوم الدينية وبدأ مسيرته في التأليف والنشر، لكنه اضطر إلى مغادرة العراق بعد وصول حزب البعث إلى الحكم، فانتقل إلى سوريا ثم استقر في بيروت، حيث أسس مؤسسته للنشر.
اختار بيروت مركزًا لنشاطه بسبب قلة انتشار الكتب الشيعية في المدينة آنذاك، إذ كانت معظم المؤلفات الإسلامية تستورد من مصر والعراق وإيران بأسعار مرتفعة. ومنذ عام 1963، دخلت عائلة الأعلمي مجال النشر مستفيدة من خبرات الناشرين المصريين، حيث سافر الشيخ حسين إلى مصر والهند ودول أخرى للتعرف على تقنيات الطباعة الحديثة وتوسيع نشاطه.
كان الشيخ الأعلمي رائدًا في كسر احتكار النشر، مستفيدًا من تجربة دور النشر المصرية التي اعتمدت مبدأ طباعة كميات كبيرة بأسعار منخفضة، ما ساعد على توفير الكتب الشيعية لشرائح أوسع من القراء. كما كان لوالده، الشيخ محمد حسين الأعلمي، دور بارز في هذا المجال من خلال تأليفه موسوعة “دائرة المعارف الشيعية”، التي استندت إلى علم الرجال واستغرقت سنوات من التوثيق والبحث.
قبل تأسيس مؤسسة الأعلمي، كان نشر الكتب الشيعية في لبنان محدودًا ويقتصر على بعض دور النشر الصغيرة مثل دار العرفان في صيدا ودار الأندلس ودار الحياة، لكن مشروع الشيخ حسين أحدث نقلة نوعية، حيث أصبحت دار الأعلمي أول مؤسسة متخصصة في نشر التراث الشيعي، رغم تحديات الطباعة التقليدية وقلة الإمكانيات التقنية.
وفي ظل القيود المفروضة على انتشار الكتب الشيعية في بعض الدول العربية، اتجهت الدار لاحقًا إلى طباعة الكتب التراثية العامة، مثل “لسان العرب”، و”مجمع البحرين”، و”الملل والنحل”، و”كليلة ودمنة”، إلى جانب معاجم لغوية وتاريخية أخرى، استمرارًا لدورها في رفد المكتبات العربية بالمصادر المعرفية المتنوعة.