صرخة إنسانية: من ينقذ الشيعة والعلويين من الإبادة الجماعية في سوريا؟
تعيش الأقليات المذهبية والدينية في سوريا، وعلى رأسها شيعة أهل البيت (عليهم السلام) والعلويون، واحدة من أحلك فصول الإبادة والاضطهاد في العصر الحديث. في ظل العتمة الإعلامية المفروضة داخل سوريا، تتواصل المجازر المروّعة، وعمليات التطهير العرقي والمذهبي التي تمارسها الجماعات التكفيرية المسلحة بحق هؤلاء الأبرياء، وسط صمت دولي مريب.
ورغم التعتيم الإعلامي الشديد، تسربت إلى العلن مقاطع مصورة ووثائق توضح عمق المأساة. مجازر جماعية، تعذيب وحشي، تهجير قسري، واعتقالات تعسفية تطال الشيعة والعلويين وغيرهم من الأقليات الدينية، تجري بشكل ممنهج ومتصاعد. يُقتل الناس بدم بارد، وتُحرق قراهم ومنازلهم، بينما تُستباح مقدساتهم ومزاراتهم.
ففي مناطق حمص وريفها، حوصرت قرى شيعية بالكامل، وتم تدمير منازلها بالدبابات والطائرات، واعتقال سكانها بمن فيهم النساء والأطفال. وفي الساحل السوري، طالت المجازر قرى علوية أُرغم سكانها على مغادرة مناطقهم، وأجبروا على تغيير معتقداتهم الدينية تحت التهديد.
ولم تتوقف الهجمات عند الأفراد، بل امتدت إلى المقدسات الدينية. تم تفجير الحسينيات والمزارات، وحُرقت القبور، واعتُدي على المساجد. كما وثقت مقاطع مصورة إهانة الرموز الدينية الشيعية في مشاهد تعكس حقداً طائفياً عميقاً.
ورغم الاتفاقيات الدولية التي نصت على حماية الأقليات بعد سقوط النظام السوري، فإن المجتمع الدولي يقف عاجزاً أمام حجم الجرائم. القوى الكبرى التي دعمت تغيير النظام السوري لم تفِ بوعودها بحماية الأقليات، بل غضّت الطرف عن الفصائل المسلحة التي تُتهم اليوم بارتكاب جرائم حرب.
الجرائم التي تُرتكب بحق الشيعة والعلويين في سوريا ليست مجرد انتهاكات عابرة، بل هي استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إبادتهم وتدمير وجودهم الثقافي والديني.
إزاء هذا الواقع، بات من الضروري، تشكيل لجان حقوقية دولية للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية، وتوثيق الانتهاكات ورفعها إلى المحاكم الدولية المختصة، ودعم المجتمع المدني لإبراز معاناة الأقليات ومخاطبة الرأي العام العالمي، وضغط دولي على الجهات المتورطة لوقف الاعتداءات وتقديم المتورطين إلى العدالة.
إن مأساة الأقليات في سوريا، وعلى رأسها شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ليست فقط مأساة إنسانية، بل هي وصمة عار على جبين الإنسانية التي تركت هؤلاء المستضعفين وحدهم في مواجهة الإبادة. إلى متى يستمر هذا الصمت؟