تشهد أزمة الجوع العالمية تفاقماً مستمراً في ظل تراجع التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية، حيث أفاد تقرير للأمم المتحدة أن 60% فقط من أصل 307 ملايين شخص من المتوقع أن يحتاجوا إلى مساعدات إنسانية العام المقبل سيحصلون على الدعم. وبذلك، سيبقى حوالي 117 مليون شخص دون الغذاء أو المساعدات الأساسية بحلول عام 2025.
المنظمة الأممية أشارت إلى أن تمويل المساعدات الإنسانية شهد انخفاضاً ملحوظاً، حيث لم يتم جمع سوى 46% من المبلغ المطلوب، وهو 49.6 مليار دولار، حتى نهاية عام 2024. هذا التراجع، الذي يتكرر للسنة الثانية على التوالي، أجبر وكالات الإغاثة على اتخاذ قرارات صعبة مثل تقليص الحصص الغذائية وخفض أعداد المستفيدين.
ففي سوريا، تراجع نطاق المساعدات الغذائية بشكل حاد، إذ خفض برنامج الغذاء العالمي دعمه من ستة ملايين شخص إلى مليون فقط. وأوضحت رانيا داغاش كامارا، المديرة التنفيذية المساعدة للشراكات في البرنامج، خلال زيارتها لسوريا في مارس/آذار، أن “نحن في هذه المرحلة نأخذ من الجياع لإطعام الجائعين”.
الأوضاع العالمية تتأثر بالصراعات السياسية، والطقس المتطرف، والتوترات الاقتصادية، مما يعقّد جهود الإغاثة. وأشار توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى اضطرار الأمم المتحدة لتقليص نداءات المساعدات، ما يترك الأشد حاجة بلا دعم.
كما أدى تراجع الدعم من دول مانحة رئيسية مثل ألمانيا، التي خفضت تمويلها بمقدار 500 مليون دولار بين عامي 2023 و2024، ومن المتوقع أن تخفض مليار دولار إضافي في 2025، إلى تعميق فجوة التمويل.
ورغم تصدر الولايات المتحدة وألمانيا والمفوضية الأوروبية قائمة أكبر المانحين، فإن دولاً كبرى مثل الصين والهند تخصص مبالغ محدودة مقارنةً بمشاريعها الأخرى كبرامج الفضاء واستضافة الأحداث الرياضية الكبرى. ووصف يان إيجلاند، الرئيس السابق للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، الوضع بأنه “جنون” في ظل مساهمات ضئيلة من قوى اقتصادية كبرى.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 282 مليون شخص في 59 دولة ومنطقة واجهوا مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في 2023. ومع تراجع التمويل واستمرار التأخير في تقديم المساعدات، تفاقمت معاناة الأسر في المناطق المتضررة، حيث تصل المساعدات متأخرة بعد أن يفقد السكان مصادر رزقهم، كما أوضحت جوليا ستيتس، مديرة معهد السياسات العامة العالمية.
ومع استمرار الضغوط على المنظمات الإغاثية، تبقى الأزمة الإنسانية الأكبر في العصر الحديث دون حلول كافية، وسط تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على التصدي لتحديات أزمة الجوع العالمية.