صعود حزب “الحرية” اليميني المتطرف إلى السلطة في النمسا يثير مخاوف واسعة بشأن مستقبل المسلمين
شهدت النمسا تحولًا سياسيًا غير مسبوق منذ نهاية الحقبة النازية، حيث تمكن حزب “الحرية” اليميني المتطرف (FPO)، الذي تأسس على يد نازيين سابقين، من تحقيق انتصار تاريخي، مما يجعل زعيمه “هربرت كيكل” قريبًا من تولي منصب المستشار. هذا التطور أثار جدلاً واسعًا ومخاوف متزايدة حول مستقبل المسلمين والأقليات في البلاد.
وأفادت تقارير صحفية بأن صعود “كيكل” إلى واجهة السلطة جاء بعد انهيار مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي بين الأحزاب الرئيسية، ما أفسح المجال لحزب “الحرية” ليصبح الشريك الرئيسي في الحكومة الجديدة. ويرى مراقبون أن هذا التحول يعكس صعودًا لافتًا للخطاب الشعبوي، الذي طالما كان معاديًا للإسلام، وسط مناخ سياسي بات يميل نحو اليمين المتطرف في أوروبا.
تاريخيًا، يُعرف حزب “الحرية” بتبنيه خطابًا مثيرًا للجدل، غير أن أجندته الأخيرة باتت أكثر تصعيدًا، حيث تشمل خططًا لحظر ما يسمى بـ”الإسلام السياسي”، وتقليص دعم الجمعيات الإسلامية، وإعادة اللاجئين قسريًا إلى بلدانهم، بالإضافة إلى استهداف الحجاب الإسلامي. ووصفت منظمات حقوقية هذه الأجندة بأنها تمثل تهديدًا خطيرًا للتعايش الديني والثقافي في النمسا.
“هربرت كيكل”، الذي بدأ حياته السياسية كاتبًا لخطابات السياسي المثير للجدل “يورغ هايدر”، استغل المخاوف الشعبية المتعلقة بالهوية الوطنية لتعزيز شعبية حزبه، إذ يصف الإسلام بأنه “تهديد مباشر” للثقافة النمساوية والقيم الديمقراطية. ومنذ توليه قيادة الحزب عام 2005، صاغ كيكل رؤيته السياسية على أساس خطاب معادٍ للمسلمين، مما جعل الدين الإسلامي محورًا للجدل السياسي في البلاد.
في الوقت الذي يحتفل فيه أنصار حزب “الحرية” بوصولهم إلى السلطة واصفين ذلك بـ”انتصار الشعب”، تحذر منظمات حقوقية وسياسية من أن هذا التحول قد يعيد النمسا إلى فصول مظلمة من تاريخها. وتشير هذه المنظمات إلى أن تصاعد السياسات المتشددة قد يؤدي إلى تدهور العلاقات بين مكونات المجتمع النمساوي ويهدد القيم الديمقراطية التي قامت عليها البلاد.
هذا المشهد السياسي الجديد يعيد طرح تساؤلات حول مستقبل التعايش في النمسا، لا سيما في ظل سياسات توصف بالتضييقية تجاه المسلمين، مما قد يضع البلاد أمام تحديات غير مسبوقة في المرحلة القادمة.