حكم “طالبـ،ـان” في أفغانستان: الفقر والعزلة والأزمات الإنسانية في تزايد مستمر
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على عودة حركة “طالبـ،ـان” إلى السلطة في أفغانستان، تعاني البلاد من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في تاريخها الحديث، حيث يعيش غالبية السكان في ظل ثلاثية قاتمة من الفقر والعزلة الدولية والأزمات المتفاقمة.
وفقاً لدراسة حديثة نشرتها مجلة PLOS Mental Health بالتعاون مع جامعة لورانس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، فإن نحو 90% من الأفغان يعانون نقصاً في التغذية، و84% لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة، بينما يتعرض 85% منهم لخطر العنف. هذه الأرقام تسلط الضوء على تدهور الوضع الإنساني بشكل حاد منذ سيطرة “طالبـ،ـان” على الحكم في أغسطس 2021.
على الرغم من تصريحات مسؤولي “طالبـ،ـان” بأن البلاد تسير نحو الاكتفاء الذاتي، لا تزال الحكومة تطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتقديم المساعدات الإنسانية. لكن هذه المساعدات، رغم ضخامتها، لم تُحدث تغييراً ملموساً في الظروف المعيشية للسكان، حيث تشير التقارير إلى أن مستويات الفقر والبطالة واليأس ارتفعت بشكل كبير.
وتُظهر بيانات مكتب المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 21.6 مليار دولار منذ أكتوبر 2021 وحتى سبتمبر 2024، لكن الغالبية العظمى من هذه الأموال خُصصت لإعادة توطين اللاجئين الأفغان خارج البلاد. في المقابل، قدمت واشنطن حوالي 3 مليارات دولار كدعم إنساني مباشر عبر وكالات الأمم المتحدة، لكن تأثير هذه المساعدات على أرض الواقع كان محدوداً.
وأدى الانسحاب السريع للقوات الأميركية وسقوط النظام الجمهوري إلى انهيار الاقتصاد الأفغاني، حيث يعيش معظم السكان بأقل من دولار واحد يومياً. وبالرغم من استئناف بعض أنشطة الإغاثة الدولية بعد توقفها في البداية، إلا أن الأزمات الإنسانية لا تزال تتفاقم.
وبينما تستمر حركة “طالبـ،ـان” في إحكام قبضتها على البلاد، تواجه أفغانستان عزلة دولية متزايدة، ما يفاقم من صعوبة حصول السكان على الدعم اللازم. وتشير التقارير إلى أن غياب خطة شاملة لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية يُبقي الملايين من الأفغان في دائرة الفقر والحرمان.
يبدو أن أفغانستان تحت حكم “طالبـ،ـان” عالقة في دوامة من الأزمات التي لا تنفك تزداد تعقيداً، حيث يعاني الشعب الأفغاني من تدهور غير مسبوق في مستويات المعيشة، في وقت يواجه فيه المجتمع الدولي تحديات متزايدة في تقديم المساعدات بطريقة تضمن وصولها للمحتاجين.