إيطاليا: مشروع قانون لمنع النقاب يثير جدلاً واسعاً واتهامات بالفوبيا ضد الإسلام
أثار مشروع قانون تقدّم به حزب “رابطة الشمال” الإيطالي، الذي يتزعمه السياسي اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، موجة من الجدل والغضب داخل المجتمع الإيطالي، خصوصًا في أوساط الجاليات المسلمة والمدافعين عن الحريات الدينية. ويهدف المشروع إلى منع ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة، ويفرض عقوبات تصل إلى السجن عامين وغرامة قدرها 30 ألف يورو، فضلاً عن حرمان المخالفين من الحصول على الجنسية الإيطالية.
وينص القانون أيضًا على مضاعفة العقوبة في حال ارتكاب المخالفة بحق قاصرات أو نساء، مع إمكانية حرمان الآباء من المسؤولية الأبوية حال إجبار القاصرين على ارتداء النقاب. ويزعم سالفيني أن هذا القانون يأتي ضمن جهود حماية “الثقافة الغربية” ومكافحة ما وصفه بالقمع الذي تتعرض له النساء في بعض المجتمعات.
وفي المقابل، وصف معارضو القانون المقترح، مثل لوانا زانيلا، زعيمة مجموعة التحالف بين اليسار والخضر في البرلمان الإيطالي، المشروع بأنه تعبير عن “فوبيا معادية للإسلام” تخدم أجندات سياسية تسعى لإقصاء المسلمين وتجريدهم من حقوقهم الثقافية والدينية. وأضافت زانيلا أن القانون لا علاقة له بحريات المرأة، وإنما يعكس “رفضًا ممنهجًا للتنوع الثقافي والديني في المجتمع الإيطالي”.
مشروع القانون الحالي يعيد إلى الأذهان محاولات سابقة للأحزاب اليمينية المتطرفة لتقييد مظاهر الثقافة الإسلامية. في العام الماضي، قدّم حزب “رابطة الشمال” مشروعًا مشابهًا لمنع ارتداء الحجاب للفتيات دون سن 18 عامًا في إقليم توسكانا، لكنه قوبل بمعارضة واسعة. كما أثار مرسوم سابق لمنع ارتداء “البوركيني” جدلاً كبيرًا واحتقانًا في أوساط الجاليات المسلمة، لكنه فشل في النهاية.
ويرى مراقبون أن هذه القوانين تمثل محاولة لفرض ثقافة أحادية على مجتمع متعدد الثقافات مثل إيطاليا، وتتنافى مع قيم الحرية التي تدّعي الدفاع عنها. ويؤكد الناشط المصري في إيطاليا، إكرامي هاشم، أن مثل هذه القوانين تستهدف بشكل مباشر المسلمين، وتخلق بيئة غير مرحبة بأبناء الجاليات المختلفة.
ووسط هذا الجدل، يدعو المدافعون عن الحريات الدينية والمدنية إلى الوقوف ضد هذه القوانين التي تمس جوهر التعايش السلمي، مؤكدين أن ارتداء النقاب أو البرقع هو حق شخصي يعكس خيارًا ثقافيًا ودينيًا لا ينبغي أن يُجرَّم أو يُقيَّد. ويشددون على أن الأمن الاجتماعي يتحقق عبر تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم، وليس عبر فرض قوانين إقصائية تزيد من الانقسام والتوتر.