الجفاف والتغير المناخي يتسببان بتراجع مناسيب المياه في العراق ويهددان الأمن الزراعي والصحي
أشار تقرير نشره مركز جامعة جورج تاون الأمريكي للدراسات الأمنية إلى تراجع حاد في مناسيب المياه في مسطحات الأهوار المائية في العراق، حيث تعرض أكثر من 70% من هذه المسطحات للجفاف. تناول التقرير آثار الجفاف وقلة موارد المياه على الأمن الزراعي والاقتصادي والاجتماعي والصحي لمجتمعات تعتمد على الزراعة في مختلف أنحاء العراق، مشيرًا إلى أن الاحتباس الحراري والتغير المناخي حول العراق إلى أحد أكثر البلدان تضررًا من هذه التقلبات.
وأوضح التقرير أن درجات الحرارة المرتفعة وقلة هطول الأمطار وزيادة نسبة التبخر نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى بناء السدود على منابع الأنهار في البلدان المجاورة، أسهمت في تراجع تدفقات المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة تتراوح بين 30 و40% خلال العقود الأربعة الماضية. وقد أدت هذه الظروف إلى تدهور الأراضي الزراعية وزيادة ملوحة المياه.
فيما يخص الجفاف في العراق، أضاف التقرير أن البلاد شهدت في عام 2021 أسوأ مواسم الجفاف منذ أربعة عقود، وأكد أن هذا الوضع قد يفاقم الأزمات المائية في العراق في السنوات القادمة، مع توقعات البنك الدولي أن يعاني العراق من عجز حاد في المياه يصل إلى 10 مليارات متر مكعب بحلول العام 2035، وهي كمية أكبر بخمسة أضعاف من استهلاك المياه السنوي لمدينة نيويورك.
أما على صعيد القطاع الزراعي، فقد سجل التقرير تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج الزراعي في العراق، حيث تناقصت محاصيل الحنطة والشعير بنسبة 30 إلى 37% في عام 2021، وفي العام التالي (2022) تراجع الإنتاج الكلي للقطاع الزراعي بنسبة 50% مما أجبر العديد من الفلاحين على مغادرة مزارعهم والبحث عن فرص عمل أخرى في المدن.
وتطرق التقرير إلى استمرار التصحر في البلاد، حيث يعاني أكثر من 39% من الأراضي الزراعية العراقية من تدهور في خصوبتها نتيجة للجفاف المستمر وتدهور التربة.
وفيما يتعلق بمنطقة الأهوار، التي كانت قد أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، أشار التقرير إلى أن أكثر من 70% من مسطحاتها المائية قد جفت، وأصبح 20% من أراضي الأهوار مخصصة للزراعة. وأوضح أن ما تبقى من المسطحات المائية لا يزيد على 10%، ما يهدد التنوع البيئي في هذه المنطقة.
كما أشار التقرير إلى المخاطر الصحية الناجمة عن التغير المناخي، حيث شهد العراق ارتفاعًا في درجات الحرارة تجاوزت 50 درجة مئوية، مع تسجيل محافظة البصرة أعلى درجة حرارة على مستوى العالم في عام 2016، مما أثر بشكل كبير على الأطفال وكبار السن.
التقرير أيضًا شدد على الأثر السلبي للجفاف على الأوضاع الاجتماعية، حيث أدى إلى موجات نزوح من المناطق الزراعية، واستقرار النازحين في مجمعات غير رسمية، فضلاً عن وجود 1.2 مليون نازح يقيمون في مخيمات في مناطق مختلفة من العراق، مما يزيد من التنافس على موارد المياه ويزيد من حدة عدم الاستقرار.
وفي ضوء هذه التحديات، دعا التقرير إلى ضرورة التعاون الدولي لمواجهة التغير المناخي، وتوفير الدعم المالي والتقني من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لتخفيف آثار هذه الأزمة. كما ذكر التقرير أن الحكومة العراقية قد بدأت في اتخاذ عدة خطوات لمواجهة التغير المناخي، بما في ذلك تحسين أنظمة الإرواء، والاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى تعزيز تقنيات خزن مياه الأمطار وزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف.