أخبارأوروباالعالم

فرنسا تُغلق آخر مدرسة إسلامية رسمياً وسط جدل حول استهداف المؤسسات التعليمية الإسلامية

في قرار أثار جدلاً واسعاً، أعلنت السلطات الفرنسية عن إغلاق مدرسة “الكندي” الإسلامية في بلدة ديكنس-شاربيو، بالقرب من ليون، والتي تُعد آخر مدرسة إسلامية معترف بها في البلاد. وأوضحت الحكومة أن القرار، الذي سيُنفذ بحلول الأول من سبتمبر 2025، جاء استناداً إلى ما وصفته بـ”مخالفات تعليمية وإدارية” و”تهديد للقيم الجمهورية”، في خطوة اعتبرها كثيرون استهدافاً واضحاً للمسلمين ومؤسساتهم التعليمية.
وتدير المدرسة شخصية بارزة في الجالية الجزائرية، إدريس بن عيسى، وكانت قد تلقت سابقاً دعماً مالياً من الحكومة الفرنسية. لكن السلطات بررت قرار الإغلاق بتقرير تفتيشي زعمت فيه العثور على كتب تدعو إلى “الجهاد” في مكتبة المدرسة، إلى جانب اتهامات بممارسات تمييزية ضد النساء. ورغم هذه الادعاءات، يرى محامو المدرسة والمدافعون عنها أن هذه الحجج واهية وتُستخدم كذريعة سياسية لإقصاء المؤسسات التعليمية الإسلامية في فرنسا.
ووصف محامو المدرسة القرار بأنه “عنيف للغاية” و”محركه سياسي بحت”، مؤكدين أن الحكومة تستغل مثل هذه الاتهامات لاستهداف التعليم الإسلامي الذي يخدم المجتمع المسلم، مشيرين إلى أن مدرسة “الكندي” كانت واحدة من مدرستين إسلاميتين فقط حصلتا على الاعتراف الرسمي في فرنسا، قبل أن تُغلق الأولى لأسباب مشابهة في وقت سابق.
وعلى مر السنين، واجهت المدارس الإسلامية في فرنسا عقبات كبيرة للحصول على الاعتماد والدعم الحكومي، مما جعلها هدفاً سهلاً للانتقادات والتضييق. وبينما تُتهم المدارس الإسلامية بعدم الامتثال لقيم الجمهورية، تحظى مؤسسات تعليمية أخرى، تُتهم أحياناً بترويج أيديولوجيات متطرفة أو متعارضة مع تلك القيم، بقبول حكومي أكبر، ما يعكس ازدواجية واضحة في المعايير.
ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من السياسات التي تُفسر على نطاق واسع على أنها محاولة لتهميش المسلمين في فرنسا. ويعكس ذلك تصريحات متكررة لشخصيات سياسية، مثل لوران فوكييه، التي تدعو علناً إلى إغلاق المدارس الإسلامية وفرض قيود على مؤسسات المجتمع المسلم، ما يزيد من التوتر ويعمق الشعور بالاغتراب لدى المسلمين.
ويشير محللون إلى أن هذه الإجراءات لا تستهدف التعليم فحسب، بل تهدف أيضاً إلى إضعاف الهوية الإسلامية في فرنسا. وفي الوقت الذي تُروج فيه الحكومة الفرنسية لقيم الجمهورية، فإنها تُتهم بتعزيز بيئة من الإقصاء والتمييز، مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي في البلاد.
ويرى مراقبون أن إغلاق المدارس الإسلامية، ومنها مدرسة “الكندي”، لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين المسلمين والدولة، مما يزيد من صعوبة اندماجهم في مجتمع يشعرون فيه بالاستهداف والتمييز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى