كشمير: من نهاية الإرهـ،ـاب المحلي إلى بوابة التطرف العالمي
يقف إقليم جامو وكشمير على مفترق طرق جديد، فعلى الرغم من أن أرقام التجنيد المحلي للجماعات الإرهـ،ـابية تقترب من الصفر، إلا أن الخطر لم يختفِ، بل يبدو أنه قد يتحول إلى أشكال أكثر تعقيدًا وخطورة، مهددة ليس فقط المنطقة، وإنما العالم بأسره.
في الوقت الذي يحتفي فيه المسؤولون بانخفاض معدلات انخراط الشباب في الجماعات المسلحة، تواجه كشمير موجة جديدة من التطرف العاملة بهدوء بالغ قبل أن تنفجر على شكل أحداث دموية، وهذا هذا النوع الجديد لا يهدد فقط السلم المجتمعي، بل يسعى لتقويض الإنجازات الأمنية والسياسية وربطها بشبكات إرهـ،ـابية عالمية.
وما حدث في مدينة “نيو أورلينز” الأمريكية ليلة رأس السنة ليس بعيدًا عن هذه السيناريوهات، فالإرهـ،ـابي “شمس الدين جبار”، الذي قاد شاحنة صغيرة تحمل علم تنظيم د1عش نحو حشد من مواطنيه، موقعًا (15) قتيلًا وعشرات المصابين، هو إثبات حي على أن الإرهـ،ـاب لا يحتاج إلى تنظيمات كبيرة بل يكفيه فرد متطرف وإيديولوجية منحرفة.
في كشمير، انتقل التطرف من الأساليب التقليدية إلى استخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة لنشر الأفكار المتطرفة، فمنصات التواصل الاجتماعي، مدعومةً بالذكاء الاصطناعي، باتت السلاح الجديد الذي يستهدف الشباب برسائل خفية تبدو غير ضارة، لكنها تحمل طاقة مدمرة.
إن أيديولوجية تنظيم د1عش قد ألهمت عقول الشباب في كشمير عندما كان التنظيم في ذروته في سوريا والعراق بين عامي 2013 و2017، حيث ظهرت أعلام التنظيم في مظاهرات سياسية، وخاصة عند مسجد “جامع” المركزي بعد صلاة الجمعة، إلا أنه قد تم اعتبار ذلك في البداية كـ “افتتان شبابي”، كما صرح رئيس الوزراء السابق “عمر عبد الله” بأن هذه الراية لا تتعدى كونها قطعة قماش سوداء.
إلا أن هذا التجاهل كان قد تسبب بوقوع عدة حوادث إطلاق نار وتفجيرات تم تبنيها من قبل عناصر د1عش، وعندما حاول المسؤولون الأمنيون تتبع هذه الهجمات إلى التنظيم، تم إجبارهم على التراجع عن تصريحاتهم من قبل رؤسائهم السياسيين، حيث كان هنالك توجه من جميع الأطراف السياسية للتستر على أنشطة الشبكات الإرهـ،ـابية العالمية في كشمير، وكانت للانفصاليين مصلحة في تصوير النشاط المسلح كجزء من “حركة محلية”، فيما كان السياسيون التقليديون يفضلون التقليل من أهمية هذه الأنشطة، لتجنب اتخاذ مواقف حادة قد تضر بمصالحهم السياسية.
مع ظهور تهديدات جديدة، بات على الأجهزة الأمنية في كشمير اتخاذ تدابير استباقية، تشمل تفكيك الأدوات الإعلامية للتطرف، وتقديم برامج توعوية فعالة للشباب، حيث لا يكمن التحدي الحقيقي في مواجهة الهجمات فحسب، بل في منعها قبل حدوثها واستفحالها.