أثارت الكاتبة والمعلقة على الشؤون الأوروبية شذى إسلام في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية تساؤلات حول موقف اليمين المتطرف الأوروبي من اندماج المسلمين، مشيرة إلى التناقضات المتأصلة في خطاب معاداة الإسلام المتصاعد في أوروبا.
وأكدت إسلام أن المسلمين في أوروبا يجدون أنفسهم في معضلة مزدوجة: “ملعونون إذا لم يندمجوا وملعونون إذا اندمجوا”. فبينما تطالب الحكومات الأوروبية المسلمين بالاندماج وتبني ما تصفه بـ”القيم الأوروبية”، تُتهم الجاليات المسلمة المندمجة بأنها تحمل مواقف عدائية تجاه الغرب، مما يعيد إنتاج خطاب الاستبعاد والتمييز.
وتشير الكاتبة إلى أن السياسات الأوروبية تستمر في تحميل المسلمين مسؤولية الاندماج الكامل، بما يشمل التخلي عن بعض عاداتهم الثقافية والدينية. وأوضحت أن هذه الدعوات غالبًا ما تتسم بالازدواجية، حيث يتم التركيز على أمور سطحية مثل نمط الحياة والطعام، مع تجاهل الحقوق الأساسية التي تعزز التنوع والقبول.
وتبرز أن هذه التوجهات ترافقها تصاعد في التمييز العنصري والديني. فقد وثّقت الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية زيادة كبيرة في العنصرية الموجهة ضد المسلمين في جميع أنحاء القارة، حيث يعاني نصف مسلمي أوروبا من التمييز بسبب الدين أو اللون أو الأصل.
وأحد التحولات الخطيرة التي تتناولها الكاتبة هو اختفاء الفارق بين “المسلمين المندمجين” و”غير المندمجين” في الخطاب اليميني. فقد أصبح المسلمون الذين يشاركون بفعالية في الحياة العامة عرضة لاتهامات مماثلة لأولئك الذين يرفضون الاندماج. وتوضح أن هذا التصعيد يعكس محاولات متعمدة لإبقاء المسلمين في حالة دائمة من “الغربة”، رغم اندماجهم في المجتمع.
في هولندا، على سبيل المثال، تعرضت وزيرة الدولة المغربية الأصل نورا أشهبار لضغوط بسبب تصريحات عنصرية داخل الحكومة، ما دفعها للاستقالة. وتشير الكاتبة إلى أن هذه الأمثلة توضح كيف يسعى بعض الساسة إلى تقويض إنجازات المسلمين الناجحين بغية تعزيز الصور النمطية السلبية.
وفي سياق مماثل، يرى عالم السياسة النمساوي فريد حافظ أن المسلمين أصبحوا يُعاملون اليوم كـ”آخر” جديد في أوروبا، في إعادة إنتاج لخطابات كانت موجهة لليهود في الماضي.
من جهتها، اعتبرت الناشطة شذى الريحاوي أن المسلمين أصبحوا “يهود أوروبا الجدد”، مشيرة إلى أن الردود المتطرفة تتفاقم بعد أي حادث إرهابي، حيث يُوضع جميع المسلمين تحت طائلة الشك.
ورغم هذا السياق القاتم، أعربت الكاتبة عن أملها في أن يسهم صعود مسلمين مؤثرين في السياسة والاقتصاد والثقافة في تغيير التصورات السلبية. وأكدت أن تحقيق الاعتراف الكامل بالمسلمين كمواطنين متساوين قد يتطلب مزيدًا من الجهود لرفض القوالب النمطية التي تُحصرهم في “رسوم كاريكاتيرية تبسيطية”.
واختتمت الكاتبة مقالها بالتأكيد على أن المسلمين الأوروبيين سيظلون يناضلون من أجل حقوقهم، مضيفة: “نعرف حقوقنا، ونعرف القانون، ونحن ناجحون. سيأتي اليوم الذي يُنظر فيه إلينا كأفراد، وليس كمجرد كتل موحدة تحت مسمى الإسلام”.