أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنها تراقب عن كثب أوضاع حقوق الأقليات اللغوية في أوكرانيا، مشددة على أن المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص بوضوح على أنه “لا يجوز حرمان الأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية من حقها في استخدام ثقافتها أو ممارسة دينها أو استخدام لغتها الأم”.
جاءت هذه التصريحات ردًا على مشروع قانون مقدم من الحكومة الأوكرانية يهدف إلى استبعاد اللغة الروسية من قائمة اللغات التي تتمتع بنظام دعم وحماية خاص في البلاد. الممثلة السامية للمفوضية، إليزابيث ثروسيل، أوضحت أن المفوضية تتابع التعديلات التشريعية المتعلقة بحقوق الأقليات اللغوية في أوكرانيا عن كثب، وتقدم توصياتها عبر التقارير الدورية، مؤكدة أن حقوق استخدام اللغة الأم تعد جزءًا لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية.
وفي أواخر ديسمبر الماضي، صرّح ممثل الحكومة الأوكرانية في البرلمان، تاراس ميلنيشوك، أن مشروع قانون جديد يهدف إلى استبعاد اللغتين الروسية والبيلاروسية من قائمة اللغات الخاضعة للحماية الخاصة. هذا التوجه أثار جدلاً واسعًا، حيث يتناقض مع التزامات أوكرانيا بموجب الميثاق الأوروبي للغات الإقليمية أو لغات الأقليات، الذي صُدّق عليه عام 2003.
الميثاق، الذي يشمل حماية لغات مثل الروسية والبيلاروسية والتتارية القرمية والبولندية والمولدوفية، قد يشهد تعديلات جذرية إذا تم تمرير مشروع القانون، ما قد يؤثر على حقوق الملايين من الناطقين بهذه اللغات.
ومنذ عام 2014، انتهجت الحكومة الأوكرانية سياسات تهدف إلى الحد من النفوذ الثقافي واللغوي الروسي في البلاد. ففي عام 2019، أُقر قانون يجعل اللغة الأوكرانية اللغة الرسمية الوحيدة، ما أثار انتقادات دولية بشأن حرية استخدام اللغات الأخرى.
وفي ديسمبر 2023، صادق البرلمان الأوكراني على قانون جديد حول الأقليات يستهدف تلبية متطلبات المفوضية الأوروبية. ورغم أنه يوفر امتيازات للغات الأقليات المرتبطة بدول الاتحاد الأوروبي، إلا أنه شدد القيود على استخدام اللغة الروسية، ما أدى إلى اتهامات من مفوضية الأمم المتحدة بوجود تمييز ضد الأقلية الناطقة بالروسية مقارنة بالأقليات اللغوية الأخرى.
ودعت المفوضية السامية الحكومة الأوكرانية إلى الالتزام بالمعايير الدولية، وحثت على حماية حقوق جميع الأقليات اللغوية دون تمييز. كما شددت على أن التعديلات القانونية يجب أن تراعي الحق في استخدام اللغة الأم كجزء من الهوية الثقافية والإنسانية للأقليات، وأن تُبنى على مبدأ المساواة وعدم التمييز.
هذا الجدل يعكس تعقيدات السياسة اللغوية في أوكرانيا، وسط مطالب دولية بتوازن بين حماية الهوية الوطنية وضمان حقوق الأقليات العرقية واللغوية.