منذ عصور غارقة في القدم، تقف سوريا كأرض تمزج بين أعراق وأديان متنوعة، لكن الحرب التي عصفت بالبلاد تركت هذا التنوع في مهب الريح بسبب عقود طويلة من الانقلابات العسكرية، والديكتاتورية الشمولية، متبوعة بحرب أهلية وحكم مفروض بقوة السلاح من فصائل تكفيرية إرهـ،ـابية.
في ظل النزوح والدمار، أصبح من شبه المستحيل تحديد العدد الحقيقي لسكان سوريا، فالأرقام الرسمية والوكالات الدولية تقدم تقديرات متباينة بشكل كبير، ففي حين أن المكتب السوري المركزي للإحصاء، قدّر عدد السكان بـ (29.2) مليون نسمة عام 2019، ذكرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أن الرقم لا يتجاوز الـ (20.4) مليون نسمة في 2021، فيما رجّح البنك الدولي، أن العدد يبلغ حوالي (23) مليون نسمة بحلول عام 2023.
هذه الفجوة الشاسعة في الإحصائيات، تعكس آثار الحرب التي أسفرت عن مقتل نحو (600,000) شخص، ونزوح داخلي لأكثر من (7) ملايين، وتهجير (6) ملايين آخرين خارج البلاد.
وعلى الرغم من عدم توفر بيانات ديموغرافية موثوقة، إلا أنه يبدو أن التقديرات المتعلقة بالأقليات الدينية والعرقية في سوريا متقاربة إلى حد كبير، حيث يتألف حوالي 70% من سكان سوريا من المسلمين السنة الذين ينتشرون في جميع أنحاء البلاد، متبوعةً بالأقلية العلوية، والتي تشكل حوالي 10% من السكان ممن يتواجدون في المنطقة الساحلية الغربية لسوريا، وخاصة في مدينتي اللاذقية وطرطوس، أما المسلمون الشيعة، فهم يمثلون حوالي 3% من سكان البلاد.
وإلى جانب المذاهب الإسلامية المختلفة، تضم سوريا أقليات دينية أخرى مثل المسيحيين الذين تشمل طوائفهم الروم الأرثوذكس، السريان الأرثوذكس، الموارنة، الكاثوليك السوريين، الروم الكاثوليك، واليونان الكاثوليك، فيما تشتمل الأقليات العرقية في سوريا على الدروز، والفلسطينيين، والعراقيين، والأرمن، إلى جانب اليونانيين، والآشوريين، والشركس، والتركمان، والمندائيين، حيث يعيش معظم هذه الأقليات في العاصمة دمشق وما حولها.
وفي شمال البلاد، يُعدّ الأكراد القوة الأكبر سكانياً بين الأقليات، حيث يقيم نحو (2.5) مليون كردي في المنطقة ذات الإدارة الذاتية والمسماة “روجافا”، وإلى جانبهم، تعيش أقليات دينية كالأيزيديين الذين يعيش معظمهم في محافظة حلب.
يذكر أن من بين الأقليات السكانية التي تستضيفها سوريا، هم اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتشرون بين (12) مخيمًا، يعيش فيها حوالي (438,000) لاجئ وفقًا لإحصائيات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.