أخبارباكستان

باكستان: المدارس الدينية بين مراقبة الدولة ومطالب الأحزاب الإسلامية

في خضم نقاش حاد حول دور المدارس الدينية في باكستان، يتواصل الصراع بين الحكومة والأحزاب الإسلامية بشأن مراقبة هذه المؤسسات التعليمية التي تستقطب ملايين الأطفال الفقراء. وبينما تعتبرها العائلات خيارًا تعليميًا ودينيًا مهمًا، تثير المدارس قلقًا لدى الحكومة ومسؤولي مكافحة الإرهـ،ـاب بشأن ارتباطها المحتمل بالتطرف والعنف.
وبدأت الجهود لتنظيم المدارس الدينية في عام 2019 عندما فرضت الحكومة الباكستانية إجراءات إصلاحية تتطلب تسجيل هذه المدارس لدى وزارة التعليم. وكان الهدف من هذه الإصلاحات زيادة الشفافية والمساءلة، في ظل اتهامات بأن بعض المدارس وفّرت مجندين لتنظيمي “طالـ،ـبان” و”القـ،ـاعدة”.
لكن في أكتوبر 2024، توصلت الحكومة إلى اتفاق مع “جمعية علماء الإسلام”، يقضي بإلغاء مطلب التسجيل الحديث، والعودة إلى قانون الحقبة الاستعمارية الذي يوفر إشرافًا محدودًا. ورغم هذا الاتفاق، لا تزال مخاوف بشأن تأثير القرار على جهود مكافحة الإرهـ،ـاب قائمة.
ومنذ تأسيس باكستان قبل 77 عامًا، شهدت المدارس الدينية ازدهارًا كبيرًا، لا سيما خلال الثمانينات عندما استُخدمت كمراكز لتجنيد المقاتلين ضد القوات السوفيتية في أفغانستان. اليوم، هناك نحو 30 ألف مدرسة دينية في البلاد، بعضها مرتبط بجماعات مسلحة محظورة.
وتعرضت باكستان لضغوط متزايدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 لتشديد الرقابة على هذه المدارس. في 2019، سجلت الحكومة أكثر من 17,500 مدرسة، تضم 2.2 مليون طالب، لدى وزارة التعليم. لكن العديد من المدارس، خاصة المرتبطة بالأحزاب الإسلامية، قاومت هذه الجهود خوفًا من التدخل الحكومي.
وفي ظل مخاوف دولية بشأن تمويل الإرهـ،ـاب، بما في ذلك من “مجموعة العمل المالي”، استولت الحكومة على مدارس مرتبطة بجماعات محظورة. لكن التحدي الأكبر لا يزال في سد فجوات التعليم، حيث يواجه النظام التعليمي العام أزمة عميقة مع 22.8 مليون طفل خارج المدارس، وفقًا لـ”يونيسيف”.
ورغم الجهود لتنظيم المدارس الدينية، تبقى هذه المؤسسات الخيار الوحيد لملايين الأطفال في ظل فقر واسع ونقص في التعليم الحكومي. ومع ذلك، يشكل غياب التعليم العصري في هذه المدارس عائقًا أمام إعداد الطلاب لسوق العمل، مما يعمق أزمات الفقر والبطالة.
وبالنسبة للحكومة، يظل التوازن بين تحقيق الاستقرار السياسي ومكافحة الإرهـ،ـاب تحديًا معقدًا، في ظل مطالب محلية ودولية متضاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى