مؤسسة الشهداء تكشف تفاصيل عمليات البحث عن المقابر الجماعية وتؤكد التزامها بإحياء ذكرى الضحايا
كشفت مؤسسة الشهداء العراقية عن تفاصيل عمليات البحث والتنقيب عن المقابر الجماعية التي توثق الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في العقود الماضية. وأعلنت المؤسسة استعدادها لإنشاء نصب وشواهد تذكارية في مواقع هذه المقابر لإحياء ذكرى الضحايا، فيما أكدت نقل رفات الضحايا إلى الجهات المختصة لإجراء المطابقة وتحديد هوياتهم.
وأوضح مدير عام دائرة المقابر الجماعية في المؤسسة، ضياء كريم، أن الفرق الفنية اكتشفت مقابر جماعية جديدة في منطقة تل الشيخة، كان أولها عام 2018. وأضاف أن القبر الأول، الذي فُتح في عام 2019، احتوى على رفات 172 ضحية، جميعهم من النساء والأطفال الذين ارتدوا الزي الكردي، مما يدل على أن عمليات الإعدام تمت خلال فصل الربيع في الثمانينيات.
وأشار كريم إلى أن فريق المؤسسة قام بتحليل الصور الجوية والتغيرات في التربة لتحديد مواقع إضافية. ولفت إلى العثور على مقبرتين جديدتين يجري العمل عليهما حالياً، حيث ستبدأ عملية رفع الرفات يوم الاثنين المقبل بعد الانتهاء من التنقيب.
وأكدت المؤسسة أن جميع العمليات تتم بدعم من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) ورئاسة المؤسسة، إلى جانب إشادة فريق التحقيق الدولي “اليونيتاد” بالطرق العلمية المستخدمة من قبل الفريق العراقي في التنقيب.
وأوضح كريم أن عمليات البحث تواجه تحديات كبيرة، منها نقص الصور الجوية لبعض المناطق نتيجة الظروف الأمنية وتكاليف الحصول على الصور من شركات دولية. كما تعاني الفرق من صعوبات بيئية وصحية بسبب العمل المباشر مع رفات الضحايا، خاصة غير المتفسخة، فضلاً عن المخاطر الطبيعية في المناطق النائية.
وأشار إلى التفاوت في المخصصات المالية بين الفرق العاملة من مؤسستي الشهداء والطب العدلي، مما يؤثر على معنويات العاملين. وأكد أن المؤسسة تعمل على رفد الفريق بكوادر شبابية جديدة لضمان استمرار العمليات التي أصبحت مثالاً يحتذى به دولياً.
في إطار جهود تخليد ذكرى الضحايا، أفاد كريم بوجود خطة متكاملة لإقامة نصب وشواهد رمزية في مواقع المقابر الجماعية، بالتنسيق مع الحكومات المحلية وأهالي المناطق. وأشار إلى مشروع لإقامة نصب في موقع مقبرة “بئر علو عنتر” في الموصل، بما يراعي التنوع الثقافي والاجتماعي للمنطقة.
وبيّن كريم أن قانون المقابر الجماعية لعام 2006 كان يقتصر على ضحايا جرائم حزب البعث، لكنه عُدِّل ليشمل الجرائم التي ارتكبت بعد عام 2003، بما في ذلك جرائم القاعدة وداعش. وأكد التزام المؤسسة بتحديد هوية الضحايا وإعادتهم إلى ذويهم من خلال أخذ عينات دم ومقارنتها مع النماذج العظمية.
واختتم كريم بالإشارة إلى أن عدد الرفات التي تم استخراجها حتى الآن يقدر بالآلاف، موثقاً بذلك الجرائم التي ارتُكبت ضد المدنيين على مدى عقود. وأكد أن المؤسسة مستمرة في جهودها لتوثيق هذه الجرائم والكشف عن المزيد من المقابر لضمان تحقيق العدالة وتكريم الضحايا.