أخبارالعالم الاسلاميسوريا

تصريحات الجولاني: استغفال للتاريخ ومحاولة لإخفاء جذور الأزمات الراهنة

في تصريح أثار جدلاً واسعاً، وصف أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، أحداثاً وقعت قبل 1400 عام بأنها لا علاقة لها بواقع اليوم، مدعياً أن بعض الأطراف تستغل تلك الوقائع “لتبرير احتلال أراضٍ وبلدان”. هذه التصريحات قوبلت بردود فعل مخالفة من محللين ومراقبين للشأن السياسي، الذين اعتبروها محاولة للتغطية على جذور الصراعات التاريخية التي لا تزال تؤثر بعمق في الحاضر وتحدد ملامح المستقبل.
ويرى المراقبون أن تصريحات الجولاني لم تأتِ بمعزل عن أجندات إقليمية تدعمه، تهدف إلى طمس حقيقة أن الأزمات التي تشهدها المنطقة، بل والعالم، تعود في جذورها إلى تلك اللحظة التاريخية المفصلية التي أُقصي فيها أهل البيت عليهم السلام عن دورهم الإلهي في قيادة الأمة وهدايتها، وهو ما أسس لمسار طويل من الانقسامات والصراعات.
لكن الدعوات إلى استذكار هذا التاريخ المأساوي ليست بهدف إذكاء نار الحرب الطائفية التي اكتوت بها شعوب كثيرة عبر القرون. بل إن مراجع الدين وعلماء الشيعة، وعلى رأسهم أصوات الاعتدال، يدعون باستمرار إلى التعايش السلمي بين الشعوب، رغم التباينات العقائدية بين الأديان والطوائف المختلفة، وهو ما نراه اليوم في مختلف البلدان.
تجاهل الجولاني لهذا البُعد السلمي في الدعوات والتعايش يكشف محاولاته المتكررة للتنصل من ماضيه الدموي، حين كان منخرطاً في تنظيم القاعدة الإرهـ،ـابي، الذي نفذ عمليات تفجير وجرائم وحشية طالت الأبرياء، وأشعلت فتناً طائفية عانت منها شعوب بأكملها، خاصة في العراق.
محللون وصفوا تصريحات الجولاني بأنها محاولة يائسة لإخفاء الحقيقة، وتبييض سجل مليء بالدماء والكراهية، وسط تلاعب واضح بالتاريخ لمحاولة فرض سرديات جديدة تخدم أجندات معينة.
إن فهم التاريخ ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة لفهم جذور الأزمات الراهنة، والدعوة اليوم، كما يؤكد المراقبون، ليست إلى تأجيج الخلافات، بل إلى معالجة الجراح التاريخية بما يضمن احترام التنوع العقائدي وتحقيق السلام العادل والمستدام بين الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى