مكتبات الموصل تُحيي ذاكرة المدينة وتفتح صفحات جديدة من الحياة الثقافية
تستعيد مدينة الموصل، شمال العراق، ملامحها الثقافية تدريجياً مع عودة المكتبات إلى الحياة بعد سنوات من الدمار الذي طالها جراء اجتياح تنظيم “د1عش” الإرهـ،ـابي عام 2014 والعمليات العسكرية التي أعقبته حتى نهاية 2017. وكانت المدينة قد فقدت كنوزاً ثقافية لا تُقدّر بثمن، شملت مكتبة الجامعة، والمكتبة المركزية، ومكتبة الأوقاف، ومكتبة المتحف، ومكتبة مركز الدراسات، حيث طالتها أعمال النهب والحرق خلال تلك الفترة العصيبة.
توتشهد المكتبة المركزية في الموصل، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1919، عودة تدريجية لنشاطها. ويؤكد مديرها جمال العبد ربه أن المكتبة باتت تضم 153 ألف كتاب، بينها كتب نادرة وأرشيف كامل لجريدة الوقائع العراقية، بالإضافة إلى بحوث ورسائل لطلبة الماجستير والدكتوراه. وأشار إلى أن جهود المنظمات الدولية والمجتمع المحلي أسهمت في تعويض الكتب التي فُقدت خلال سيطرة التنظيم الإرهابي، مما ساعد في إعادة المكتبة إلى دورها المحوري.
أما المكتبة المركزية في جامعة الموصل، فقد تعرضت لتدمير شبه كامل، حيث خسر العراق فيها نحو مليون مصدر معرفي، وفقاً للباحث محمود جمعة. غير أن الحياة عادت إليها بفضل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الذي أشرف على إعادة إعمارها. منذ افتتاحها بحلّتها الجديدة في فبراير/شباط 2022، تستقبل المكتبة ما لا يقل عن ألف زائر يومياً، بينهم طلبة وباحثون وتدريسيون، مستفيدة من الكتب المهداة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني.
ورغم هذه الجهود، يؤكد الباحث محمود جمعة أن التحديات ما زالت كبيرة، حيث يصعب تعويض المخطوطات النادرة التي فُقدت خلال الحرب، كما أن التوجه العالمي نحو الكتاب الرقمي يفرض على المؤسسات التعليمية والثقافية في العراق ضرورة التكيف مع هذا التحول.
العودة التدريجية للمكتبات في الموصل لم تكن إعادة لإعمار البُنى التحتية فحسب، بل هي خطوة لاستعادة روح المدينة وهويتها الثقافية التي تأثرت بالحرب والدمار والإرهـ،ـاب، وتعبير عن إصرار أهلها على إعادة بناء مستقبلهم بحروف العلم والنور.