أزمة مياه حادة تهدد مستقبل العراق وتفاقم التصحر والهجرة الريفية
يشهد العراق أزمة مياه خانقة باتت تشكل تهديداً كبيراً على مختلف القطاعات الحيوية في البلاد، خصوصاً الزراعة والصناعة وتوفير مياه الشرب، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن الأمن المائي العراقي وضرورة اتخاذ حلول مستدامة لمواجهة هذه التحديات.
وتعود هذه الأزمة إلى عوامل متعددة، أبرزها بناء سد “إليسو” التركي عام 2018، الذي أدى إلى تقليص الإطلاقات المائية من تركيا للعراق من نحو 70 مليار متر مكعب سنوياً إلى أقل من 40 مليار متر مكعب، وفق تصريحات الخبير الزراعي عادل المختار.
وأوضح المختار أن الخزين المائي العراقي وصل في صيف 2023 إلى 5 مليارات متر مكعب فقط، وهو الأدنى في تاريخ البلاد.
وتفاقمت الأزمة بفعل تراجع الإيرادات المائية من دول المنبع، حيث انخفضت إلى أقل من 300 متر مكعب في الثانية، مقارنة بـ600 متر مكعب في السابق، كما أسهمت التغيّرات المناخية، وانخفاض الأمطار، وسوء إدارة الموارد المائية في تفاقم الوضع، إلى جانب تصريف النفايات الصناعية في الأنهار وقطع إيران نحو 42 نهراً ورافداً يرفد العراق بالمياه.
وأدى شح المياه إلى تقلص المساحات الزراعية المزروعة إلى مليوني دونم فقط، من أصل 40 مليون دونم صالحة للزراعة. كما ارتفعت معدلات التصحر إلى مستويات قياسية بلغت 70% من الأراضي العراقية، مع جفاف مناطق الأهوار ونفوق أعداد كبيرة من الأسماك. وتسببت هذه الأوضاع في نزوح آلاف العائلات الريفية إلى المدن، ما زاد الضغط على البنية التحتية وفرص العمل، وفقاً لتحذيرات الخبير المائي تحسين الموسوي.
وأشار الموسوي إلى أن استهلاك القطاع الزراعي للمياه يصل إلى 85%، بسبب الاعتماد على طرق الري التقليدية، ما يزيد من استنزاف الموارد المائية. مضيفاً أن العراق يعاني من غياب اتفاقيات ملزمة مع دول الجوار لتأمين حصصه المائية، وضعف السياسات الوطنية لمعالجة الأزمة، ما ينذر بكوارث بيئية ومجتمعية خطيرة إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة والتبخر، الذي يستهلك أكثر من 5 مليارات متر مكعب سنوياً من الخزين المائي، يواجه العراق مستقبلاً مجهولاً ما لم تُنفذ إصلاحات جذرية في السياسات المائية والزراعية، وتُعزز المفاوضات مع دول المنبع لتحقيق الأمن المائي.