أكدت دراسة أكاديمية جديدة نشرها الباحثون في 9 ديسمبر/كانون الأول 2024 أن المسلمين، وخاصة النساء المحجبات، يعانون من تمييز واضح في سوق العمل الفرنسي، مما يعكس فشل سياسات الإدماج التي طالما دافعت عنها الحكومة الفرنسية.
الدراسة، التي أُجريت تحت إشراف المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) ومرصد التمييز والمساواة في التعليم العالي (Ondes)، شملت تجربة واسعة بين مارس وأبريل 2024، حيث تم إرسال سير ذاتية لنساء شابات من أصول مغاربية، محجبات وغير محجبات، لمجموعة من الشركات في باريس. وتُظهر النتائج أن الحجاب يساهم في زيادة احتمالات تلقي ردود سلبية على طلبات العمل بنسبة 25%، ويقلل من فرص الحصول على رد إيجابي بأكثر من 80%.
وأكدت الدراسة أن النساء المحجبات، سواء كن من أصول فرنسية أو مغاربية، يواجهن تمييزًا متماثلًا في سوق العمل، حيث أظهرت التحليلات أن الحجاب هو العامل الأكثر تأثيرًا في رفض طلبات العمل، متفوقًا في بعض الحالات على عامل الأصل العرقي.
وعلى الرغم من محاولات بعض الشركات لإظهار تفاعلها مع قيم الجمهورية، كشفت الدراسة عن فجوة كبيرة في فرص العمل بين أولئك الذين يحملون أسماء فرنسية وأولئك الذين يحملون أسماء مغاربية، حيث تمت ملاحظة فارق بنسبة 50% لصالح حاملي الأسماء الفرنسية.
الدراسة أيضًا أبرزت الآثار النفسية لهذا التمييز المستمر، حيث يعاني المتضررون من إحباط نفسي يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وحياتهم المهنية. وأشار الباحثون إلى أن التمييز لا يقتصر على النساء فقط، بل يشمل أيضًا الرجال من أصول مغاربية، الذين يواجهون صعوبة في الحصول على فرص عمل.
فيما يتعلق بالحلول، اقترح الباحثون تحسين السياسات الحكومية والمؤسسية لضمان تكافؤ الفرص في سوق العمل والتعليم، ودعم الفئات المهمشة عبر مبادرات ريادة الأعمال، كما دعوا إلى تغيير التصورات الاجتماعية السائدة عبر حملات توعية تهدف إلى تصحيح المواقف المغلوطة حول المسلمين والمغاربيين.
تُظهر الدراسة أيضًا أن العديد من الأفراد من أصول مغاربية، خاصة النساء المحجبات الحاصلات على شهادات أكاديمية، قد قرروا مغادرة فرنسا بحثًا عن بيئات أكثر تسامحًا، وهو ما أكده الباحثون في دراسة سابقة أُجريت في أبريل 2024، حيث أظهرت أن العديد من هؤلاء الأفراد اختاروا الانتقال إلى دول مثل كندا والمملكة المتحدة بسبب تزايد التمييز في فرنسا.