في ظل تصاعد الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين في فرنسا وتنامي نفوذ اليمين المتطرف، تواجه مدرسة “الكندي”، آخر المدارس الإسلامية الخاصة في البلاد، خطر الإغلاق بسبب اتهامات تتعلق بتعارض مناهجها مع “قيم الجمهورية”.
تأسست المدرسة، الواقعة في منطقة ديكين-شاربيو قرب مدينة ليون، عام 2007، واستقطبت هذا العام أكثر من 600 طالب بفضل نتائجها الأكاديمية المتميزة. ومع ذلك، أصدرت محافظة “الرون” بياناً في 3 ديسمبر/كانون الأول 2024، يشير إلى مراجعة عقد الشراكة بين الدولة والمؤسسة، مع تحديد 12 ديسمبر موعداً للبت في القضية.
وتواجه المدرسة اتهامات تشمل وجود مواد تعليمية “غير متوافقة”، وكتب “مثيرة للريبة” في مكتبتها، وقواعد لباس صارمة للفتيات. كما تعرض أحد المعلمين لانتقادات بسبب دعمه المزعوم لأئمة طُردوا من فرنسا.
يرى مراقبون أن هذه الاتهامات تأتي ضمن حملة تضييق على المؤسسات الإسلامية، حيث تتعرض المدارس الإسلامية الخاصة لضغوط تفوق تلك التي تواجهها نظيراتها من الديانات الأخرى. وتُستخدم مزاعم التمويل الخارجي والارتباط بأيديولوجيات متطرفة كذرائع لاستهدافها.
وأثارت التهديدات ضد مدرسة “الكندي” موجة تضامن واسعة، حيث نظم أولياء الأمور وقفة احتجاجية أمام المدرسة يوم 7 ديسمبر، بينما دعا المجلس الإقليمي لمساجد “الرون” إلى دعم المؤسسة باعتبارها ركيزة تعليمية تحترم قيم الأسر المسلمة.
نائبان عن حركة “فرنسا الأبية”، إدير بومرتيت وعبد القادر لحمر، انتقدا الإجراءات ووصفاها بـ”غير المتناسبة”، مستشهدَين بحالات سابقة تعرضت فيها مؤسسات إسلامية لممارسات مماثلة، مؤكدين على أهمية التعامل بحيادية مع المدرسة بما ينسجم مع مبادئ الجمهورية.
“يقول عبد الحكيم شيرقي، أحد مؤسسي المدرسة، إن هذه الاتهامات “تافهة” وتهدف إلى تشويه سمعة المدرسة، التي صنفت في المرتبة الثالثة من حيث الجودة في فرنسا عام 2022. مشيراً إلى أن 53% من طلابها يحصلون على منح دراسية، مما يسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية.
وتخضع المدارس الإسلامية الخاصة لضوابط صارمة تفرضها الحكومة الفرنسية بحجة الحفاظ على العلمانية، وسبق أن تعرضت مدارس أخرى مثل “أفيرو” لإجراءات مشابهة، ويرى سياسيون وأكاديميون أن هذه الحملة تمثل “ازدواجية في المعايير” مقارنةً بالمؤسسات التعليمية الأخرى.
ومع تصاعد هذه التحديات، يخشى كثيرون أن يؤدي إغلاق مدرسة “الكندي” إلى تفاقم أزمة التعليم الإسلامي في فرنسا، وحرمان الجالية المسلمة من بدائل تعليمية تتماشى مع قيمها.