نشر “معهد هدسون Hudson Institute” الدولي للأبحاث، تقريراً مفصّلاً تناول من خلاله الخطر الوجودي الذي يمثلّه تنظيم د1عش الإرهـ،ـابي على المستوى العالمي عموماً وعلى العراق خصوصاً في ظل التغيّرات الأمنية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة.
وقال المعهد في تقريره الذي ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، إنه “على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد توسّع التركيز على تنظيم د1عش الإرهـ،ـابي ليشمل ما هو أبعد من مناطقه الأصلية في العراق وسوريا، حيث تمّ استنساخ العديد من الأنشطة التي كانت محور التنظيم بشكل أو بآخر ضمن شبكته العالمية من الولايات، حيث شجّعت ما تسمّى بـ (القيادة العامة للولايات) التابعة للتنظيم، على السيطرة على الأراضي وفرض الحكم الميداني، وحشد المقاتلين الأجانب، والتخطيط للعمليات الخارجية”.
وحذّر التقرير، من أنه “في الوقت الحاضر، يسيطر تنظيم د1عش الإرهـ،ـابي، على أراضٍ وينفّذ مشاريع حكم بمستويات مختلفة في أربع دول إفريقية هي مالي، ونيجيريا، والصومال، وموزمبيق، بالإضافة إلى عمليات حشود صغيرة للمقاتلين الأجانب في هذه الدول وجمهورية الكونغو الديمقراطية”، مضيفاً أنه “ومن منظور أمني، تبرز وبشكل أكثر إلحاحاً، العمليات الخارجية التي تنفذها عصابات (د1عش خراسان) التابعة للتنظيم، إلا أنه تبقى القاعدة الأصلية للتنظيم في العراق وسوريا ذات أهمية قصوى بسبب أهميتها التاريخية والوضع غير المستقر في المنطقة منذ أن فقد التنظيم السيطرة الكاملة على الأراضي في هذين البلدين بحلول عام 2019”.
ويُعدّ تنظيم د1عش في العراق حالياً، في أضعف حالاته على الإطلاق، وبشكل عام، يمثل الوضع الحالي للتنظيم في العراق واحدة من القصص الإيجابية القليلة المرتبطة بمواجهة الحركات الإرهـ،ـابية، فقد حققت جهود مكافحة الإرهـ،ـاب نجاحات ملحوظة في تقليص قدرات التنظيم وانتشاره داخل العراق، وفي الأغلب، فلم يعد التنظيم يؤثر على الحياة اليومية في العراق، حيث تحدث معظم هجماته الآن في المناطق الريفية أو قليلة السكان، وعند حصولها، يركز التنظيم بشكل رئيسي على قطاعات مختلفة من الأجهزة الأمنية العراقية بدلاً من المدنيين في المناطق التي لازال يمتلك نفوذاً فيها”.
ومع أن نشاط د1عش يبدو في العراق، مسألة مرتبطة بتطبيق القانون إلى حد كبير، فإن الاعتقالات المتعلقة بالتنظيم من قِبل الدولة العراقية تظهر أن العديد من بقايا التنظيم منذ فترة سيطرته على الأراضي، لا تزال طليقة، وأعضاء التنظيم الحاليين مستمرون في التخطيط والعمليات، بغض النظر عن قدرات التنظيم القتالية على مستوى الهجمات المسلحة، لذلك، وبالنظر الى أنه من المهم عدم المبالغة في قدرة تهديد التنظيم، إلا أن الحذر يعدّ مطلوباً لتجنب تضخيم هزيمته، بالنظر إلى تاريخ التنظيم في استعادة قوته.
ومنذ بدء عملياته في العراق عام 2002، شكّل تنظيم د1عش الإرهـ،ـابي ومجموعاته السابقة، واحدة من أخطر الحركات التمردية في العالم، وعلى الرغم من توسع التنظيم أولاً إلى سوريا ثم إلى أجزاء أخرى من العالم، ظل العراق لسنوات عديدة حتى عام 2022، الأكثر نشاطاً وعنفاً بين ولايات التنظيم، قبل أن تتجاوزها عملياته الجارية في نيجيريا بعد ذلك، لتتحول بعدها ما تسمّى بـ “ولاية العراق” الى خامس أكثر ولايات التنظيم، تنفيذاً للعمليات الإرهـ،ـابية في النصف الأول من عام 2024، خلفاً لنيجيريا وسوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والموزمبيق.
ووفقاً للجداول التي نشرها “معهد هدسون” والمرتبطة بنشاط التنظيم في العراق، فإن هذا الانخفاض يشير إلى تراجع بنسبة 49% مقارنة بالعام الماضي وبنسبة 94% منذ عام 2019، ومع ذلك، فقد يثار التساؤل حول مصداقية البيانات المزعومة للتنظيم عن هجماته، فعند مقارنة هذه البيانات ببيانات الباحث الأمريكي “جويل وينغ”، والذي يتابع نشاطات د1عش في العراق عن كثب منذ عام 2008 اعتماداً على تقارير محلية عن هجمات التنظيم بدلاً من البيانات المنشورة، فيبدو أن الانخفاض في الهجمات داخل العراق لا يزال واضحاً.