تحوّل مستودع كبير في مدينة آيبكس بولاية كارولينا الشمالية، كان يستخدم كسوق لبيع السلع المستعملة، إلى واحد من أبرز المراكز الإسلامية في المنطقة، بعد أن اشتراه المسلمون عام 2009 وحوّلوه إلى مسجد يحمل اسم “مسجد آيبكس”.
وأوضح الدكتور خالد شحو، أحد مؤسسي المسجد، أن فكرة إنشاء المسجد بدأت مع ازدياد أعداد العائلات المسلمة في المنطقة، وضيق المنازل الصغيرة التي كانت تستضيف الصلوات والفعاليات الدينية. بعد بحث طويل، قادهم القدر إلى هذا المبنى المهجور، الذي عرض مالكه حينها بيعه بقيمة 3.6 ملايين دولار، وهو مبلغ بدا شبه مستحيل للجالية الصغيرة ذات الإمكانيات المحدودة.
لكن المجموعة اقترحت على المالك خيار التمويل الذاتي، لتجنب القروض الربوية. وبعد مفاوضات، تم التوصل لاتفاق ميسّر، حيث بدأ العمل فوراً لتحويل المستودع إلى مسجد في غضون شهر واحد فقط.
وكانت التحديات المالية أبرز العقبات، حيث تطلب المشروع دفع أقساط شهرية بقيمة 20 ألف دولار، إضافة إلى مصاريف الصيانة والأنشطة. ومع ذلك، استطاع المسجد تسديد كامل الديون خلال أقل من عشر سنوات، بفضل تكاتف الجالية والتزامهم بإنجاح المشروع.
يقدّم مسجد “آيبكس” في كارولينا الشمالية مجموعة واسعة من الخدمات الدينية والاجتماعية التي تلبي احتياجات الجالية المسلمة. تشمل هذه الأنشطة إقامة الصلوات اليومية وخطبة الجمعة، بالإضافة إلى تنظيم حلقات العلم والذكر، وبرامج لتحفيظ القرآن الكريم مخصصة للنساء والأطفال.
كما يحتضن المسجد مدرسة “المنارة” التي تقدم خدمات الحضانة، ومدرسة الأحد التي تركز على تعليم مبادئ الإسلام واللغة العربية للأطفال. إلى جانب ذلك، يولي المسجد اهتماماً خاصاً بفئة الشباب من خلال إنشاء مركز شبابي حديث، يسعى لربط الأجيال الجديدة بهويتهم الإسلامية وتعزيز اندماجهم في المجتمع المحلي.
ويُعدّ المسجد أيضاً مركزاً لتنظيم فعاليات ثقافية ودينية كـ”مؤتمر السيرة النبوية” و”كنوز القرآن”، فضلاً عن كونه منطلقاً لتأسيس مجلس أئمة كارولينا الشمالية، الذي يهدف إلى تنسيق الجهود بين مختلف المراكز الإسلامية في الولاية.
يتجاوز دور المسجد كونه مكاناً للعبادة، ليصبح منصة لتعزيز الهوية الإسلامية في مجتمع متعدد الثقافات. كما يسعى لتعزيز العلاقة مع المجتمع المحيط من خلال برامج تواصلية، مثل “الأبواب المفتوحة”، ولقاءات مع جيران المسجد ومسؤولي المدينة، لمواجهة الأفكار المغلوطة وتعزيز التعايش.
يرى القائمون على المسجد أن التحدي الأكبر يكمن في التوفيق بين الحفاظ على الهوية الإسلامية والاندماج في المجتمع الأميركي. ويؤكدون أن المسجد هو نموذج حي لتقديم الإسلام كإضافة حضارية وأخلاقية للمجتمع، مع التركيز على إعداد الأجيال المقبلة لتحقيق هذا الهدف.