عاد الجدل في الهند حول مشروع قانون جديد يهدف إلى تعديل قانون الوقف الخاص بالمسلمين، بعد تمديد البرلمان الهندي الموعد النهائي للجنة البرلمانية المشتركة لمراجعته. المشروع، الذي قدمته حكومة حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في أغسطس/آب الماضي، يثير قلقًا واسعًا بين المسلمين ومنظمات المجتمع المدني، لما يحمله من تداعيات قد تؤثر على ممتلكات الأوقاف التي تشمل المساجد، والمقابر، والمدارس، والمؤسسات الصحية.
واجه مشروع القانون معارضة شديدة من أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الهندي والحزب الشيوعي الهندي، إلى جانب منظمات إسلامية اتهمت الحكومة بمحاولة السيطرة على ممتلكات الوقف. تمت إحالة المشروع إلى لجنة برلمانية مشتركة تضم نوابًا من الأحزاب المختلفة لمراجعته، وسط تحذيرات من تأثيره المحتمل على المسلمين والمجتمع الهندي.
النائب المعارض الدكتور سيد ناصر حسين وصف المشروع بأنه “سيئ التخطيط والصياغة” وأكد عدم وجود حاجة ملحة له، مشيرًا إلى غياب شكاوى جوهرية تتعلق بقوانين الوقف، مضيفاً أن المشروع قد يفتح الباب لنزاعات دينية وطائفية بسبب تعديلات تتعارض مع مبادئ الحيادية العلمانية.
يتضمن المشروع أكثر من 40 تعديلًا، أبرزها منح مفوضي المناطق سلطة إدارة ممتلكات الوقف بدلًا من مجالس الأوقاف، وهو ما يراه المسلمون تهديدًا لاستقلالية هذه المؤسسات. كما يثير مشروع القانون الجدل حول السماح بتعيين غير المسلمين في مجالس الأوقاف، وهو إجراء اعتبره منتقدون ازدواجية في المعايير مقارنة بإدارة المؤسسات الدينية الأخرى في الهند.
عضوة مجلس الأوقاف فاطمة مظفر حذرت من أن المشروع قد يؤدي إلى نزاعات بين مجالس الأوقاف والحكومات المحلية، خاصة في ظل غياب الحيادية في إدارة ممتلكات الوقف. مشيرة إلى أن مثل هذه التعديلات قد تسفر عن توترات طائفية، حيث يمكن استغلالها للتشكيك في ملكية المعالم التاريخية والأراضي الوقفية.
وفي ظل هذه التطورات، حذر الزعماء المسلمون من أن تمرير مشروع القانون قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع السياسية والدينية في البلاد، مشيرين إلى أنه يشكل تهديدًا للنسيج العلماني الديمقراطي للهند. وتعمل منظمات إسلامية عدة على تقديم مقترحاتها للجنة البرلمانية المشتركة في محاولة لحماية ممتلكات الأوقاف وضمان حقوق المسلمين.
مع استمرار الجدل حول مشروع القانون، يواجه البرلمان الهندي تحديًا كبيرًا في معالجة هذه القضية بما يحفظ التوازن بين المبادئ العلمانية والديمقراطية وحماية حقوق الأقليات.