نشرت تقارير تاريخية تسلط الضوء على مدينة كيش الأثرية، الواقعة في محافظة بابل العراقية، باعتبارها واحدة من أقدم المدن في التاريخ الإنساني ومركزًا حضاريًا بارزًا خلال العصور السومرية والأكدية.
تأسست مدينة كيش، التي ازدهرت بين عامي 2900 و2350 ق.م، كمقر لأول السلالات الملكية بعد الطوفان وفق الأساطير السومرية. وكانت موطنًا لملوك بارزين مثل الملك إيتانا، الذي وصفته النصوص القديمة بـ”موحد كل الأراضي”. وارتبطت المدينة أيضًا بأسطورة الطوفان الشهيرة في ملحمة جلجامش.
ووفقًا للدكتور خالد تومان، المتخصص في التاريخ العراقي القديم، تقع كيش إلى الشمال الشرقي من مدينة الحلة بالقرب من بلدة الإسكندرية، على السهل الرسوبي بين نهري دجلة والفرات. ويضيف تومان أن الموقع الجغرافي والفلكي المميز للمدينة، عند الإحداثيات 32.5033° شمالًا و44.6547° شرقًا، جعلها مركزًا استراتيجيًا على الطرق التجارية ووفّر بيئة مثالية للزراعة عبر شبكة من القنوات المائية.
أشار الدكتور ميثم السويدي إلى أن بعثة بريطانية-أمريكية من جامعة أكسفورد والمعهد الشرقي بجامعة شيكاغو قامت بأعمال التنقيب في كيش بين عامي 1923 و1933. وأسفرت الحفريات التي قادها علماء بارزون مثل ستيفن لانغدون عن اكتشاف معابد وزقورات ومقابر ملكية، إضافة إلى ألواح طينية تحمل نصوصًا مسمارية توثّق الحياة السياسية والدينية والاقتصادية في المدينة.
وأوضح السويدي أن مدينة كيش تعرضت لمجموعة من العوامل التي أدت إلى تراجعها، منها الغزو السياسي، مثل صعود إمبراطورية أكد بقيادة سرجون الأكدي، والتغيرات البيئية التي أثرت على الموارد الطبيعية، إضافة إلى فقدان المدينة لموقعها الاستراتيجي مع تحوّل طرق التجارة إلى مدن جديدة.
ورغم اندثار كيش وتحولها إلى أطلال، يبقى إرثها الثقافي شاهدًا على عظمة الحضارة السومرية ودورها المحوري في تاريخ بلاد الرافدين.