أكثر من 500 ألف متسول في العراق بينهم أجانب و70% منهم تحت شبكات الجريمة المنظمة
كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، عن تقديرات تشير إلى وجود أكثر من 500 ألف متسول في البلاد، أغلبهم من الأحداث والنساء، موضحاً أن 70% من هذه الحالات مرتبطة بالجريمة المنظمة، بينما يُشكّل التسول الإلكتروني 20%، والتسول التقليدي 10%.
وأشار الغراوي إلى ظهور أنواع جديدة من التسول، مثل التسول الإلكتروني والصحي، والتستر بإنشاء مشاريع إنسانية أو اجتماعية، كما حذّر من خطورة التسول الأجنبي، واصفاً إياه بأنه “أخطر صور الاتجار بالبشر”، ويقوده أفراد من عصابات الجريمة المنظمة، الذين يستغلون الوضع القانوني والأمني والاقتصادي في البلاد لتنشيط تجارة التسول.
وأضاف الغراوي أن هذه العصابات تدخل المتسولين الأجانب إلى العراق تحت غطاء العمالة، والزيارات السياحية والدينية، وحتى بصفة لاجئين. وأكد أن معظم المتسولين الأجانب ينحدرون من دول آسيوية، وعلى رأسهم بنغلادش، بينما السوريون يحتلون المرتبة الأولى بين المتسولين العرب.
وأعلنت وزارة الداخلية أنها أبعدت خلال عامي 2023 و2024 أكثر من 10,000 متسول أجنبي وأعادتهم إلى بلدانهم. ومع ذلك، لا تزال أعداد كبيرة منهم داخل العراق، دون إحصائية دقيقة بشأن أعدادهم أو جنسياتهم.
وخلصت دراسة نشرها مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية في يونيو 2024 إلى أن الأوضاع الاقتصادية السيئة، وانتشار الفقر والبطالة، يعدّان من أبرز أسباب تفاقم ظاهرة التسول في العراق. إلى جانب ذلك، أسهمت النزاعات والحروب وما تبعها من نزوح واسع وفقدان السكان لأعمالهم وممتلكاتهم في تأجيج هذه الظاهرة.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن ضعف النظام التعليمي وارتفاع نسب الأمية، فضلاً عن غياب البرامج الاجتماعية الفاعلة، أوجد بيئة ملائمة لانتشار التسول في المجتمع.
كما أوضحت الدراسة أن أنواع التسول في العراق تتعدد بين التسول الفردي، سواء بطلب المال المباشر أو غير المباشر بعرض بضائع بسيطة، والتسول العائلي الذي يستدر العطف باستخدام الأطفال. أما التسول المنظم، الذي تقوده عصابات، والتسول الموسمي خلال الأعياد والمناسبات الدينية، فيمثلان أشكالاً أخرى شائعة. وفي السنوات الأخيرة، برز نوع جديد يُعرف بالتسول الإلكتروني، يتم عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قصص مؤثرة بهدف طلب المساعدة المالية.
وحذرت الدراسة من آثار التسول على المجتمع، مشيرة إلى أنه يشوه الصورة العامة ويزيد من الشعور بعدم الأمان بين السكان، كما أنه يمثل عبئاً اقتصادياً، حيث يعزز الاتكالية بدلاً من العمل، ويرفع معدلات الجرائم مثل سرقة المحلات والنشل.
وأبرزت الدراسة خطورة استغلال الأطفال في التسول، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى دخولهم في عالم الجريمة المنظمة أو تجارة المخدرات، ولفتت إلى أن الظروف الصحية السيئة للمتسولين تزيد من احتمال انتشار الأمراض والأوبئة.
فيما أشارت إلى أثر الظاهرة على قطاع السياحة، مؤكدة أن انتشار المتسولين أمام الزوار الأجانب يسيء لصورة البلاد ويؤثر سلباً على جهود تطوير السياحة. وأوضحت الدراسة أن هذه الظاهرة تمثل تهديداً للأمن القومي، لارتباطها بمعدلات الفقر والبطالة وارتفاع الجريمة.