كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للكيمياء عن تقديرات مقلقة تشير إلى أن تغير المناخ وتلوث الهواء قد يؤديان إلى وفاة 30 مليون شخص بحلول عام 2100. وأوضحت الدراسة، التي اعتمدت على محاكاة رقمية متقدمة، أن تأثيرات درجات الحرارة القصوى وتلوث الهواء على الصحة العامة قد تزداد بشكل كبير إذا استمر الوضع الراهن دون تدخل.
وبحسب الدكتورة أندريا بوزر، قائدة الفريق البحثي، توفي حوالي 1.6 مليون شخص سنويًا في عام 2000 بسبب درجات الحرارة القصوى، سواء الحرارة الشديدة أو البرد القارس.
وتشير التوقعات إلى أن هذا الرقم قد يرتفع إلى 10.8 مليون شخص سنويًا بحلول نهاية القرن، أي ما يعادل زيادة بسبعة أضعاف. أما الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، فقد بلغت حوالي 4.1 مليون شخص سنويًا في عام 2000، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 19.5 مليون شخص سنويًا بحلول عام 2100، ما يمثل زيادة بمقدار خمسة أضعاف.
وأظهرت الدراسة أن تأثيرات تغير المناخ على الصحة لن تكون متساوية بين المناطق. فقد تكون جنوب وشرق آسيا الأكثر تضررًا بسبب شيخوخة السكان واستمرار تلوث الهواء. في المقابل، من المتوقع أن تكون الحرارة الشديدة السبب الرئيسي للوفيات في المناطق ذات الدخل المرتفع مثل أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأستراليا، حيث بدأ هذا الاتجاه يظهر بالفعل في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان ونيوزيلندا.
كما تشير الدراسة إلى أن التفاوت في تأثيرات تغير المناخ على الصحة سيتزايد في المستقبل. ففي دول الدخل المتوسط مثل بولندا ورومانيا في أوروبا الشرقية، والأرجنتين وتشيلي في أمريكا الجنوبية، قد تصبح درجات الحرارة القصوى تهديدًا رئيسيًا للصحة العامة بحلول عام 2100، ما يؤثر على حوالي 20% من سكان العالم.
وأكدت الدكتورة بوزر أن تغير المناخ يمثل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة، داعية إلى اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من آثاره. كما شدد جان سياري، مدير مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي في معهد قبرص، على ضرورة التحرك العاجل لمنع فقدان الأرواح في المستقبل.
وتأتي هذه النتائج بالتزامن مع تقرير الأمم المتحدة السنوي الذي حذر من أن العالم يتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3.1 درجة مئوية هذا القرن، ما يشكل كارثة بيئية وصحية كبرى. وأوصى التقرير بضرورة اتخاذ إجراءات فورية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، مشددًا على أهمية التعاون الدولي والتزام الحكومات والشركات للحد من أسوأ العواقب المناخية وحماية الأرواح.