طالبـ،ـان تضيّق الخناق على الإعلام: هل تواجه أفغانستان خطر التحول إلى دولة بلا صوت وصورة؟
تواجه وسائل الإعلام في أفغانستان خطر الإغلاق الكامل مع تصاعد القيود المفروضة عليها من قبل طالبـ،ـان منذ استعادة سيطرتها على البلاد قبل أكثر من ثلاث سنوات. آخر هذه الإجراءات تجسدت في مرسوم أصدره زعيم طالبـ،ـان، هبة الله أخوند زادة، يُعرف بـ”قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، والذي يحظر نشر صور الكائنات الحية، بما في ذلك البشر، وتجريم الاحتفاظ بها على الأجهزة الإلكترونية.
ويقضي هذا المرسوم بتكليف منتسبي “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” بمنع نشر صور الكائنات الحية في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة. وتشمل العقوبات المترتبة على هذه “الجريمة” إيقاف عمل الصحفيين ووسائل الإعلام ومعاقبة القائمين عليها، مما يمثل تصعيدًا خطيرًا ضد حرية الإعلام.
وبدأت طالبـ،ـان تنفيذ هذه القيود تدريجيًا، بدءًا من منع التقاط الصور في اجتماعات المسؤولين المحليين في قندهار، حيث أوقفت النشرات الإخبارية للتلفزيون الوطني هناك. لاحقًا، توسع الحظر ليشمل مقاطعات أخرى مثل تخار، خوست، وبادغيس، ما أدى إلى إغلاق مكاتب القنوات التلفزيونية المحلية. مؤخرًا، منعت طالبـ،ـان مسؤوليها المحليين في مقاطعات مثل ننغرهار وهرات من الظهور في لقاءات مصورة، مما يعزز مناخ التعتيم الإعلامي.
ويخشى مراقبون حقوقيون من أن هذه السياسات تهدف إلى حجب الانتهاكات التي تم توثيقها على مدار السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك القتل خارج إطار القانون، الاعتقالات التعسفية، والتعذيب. وبحسب ناشطي حقوق الإنسان، فإن منع التصوير والنشر قد يعيق أي محاولة لتوثيق الجرائم التي ترتكبها طالبـ،ـان، ويمنحها غطاءً للاستمرار في انتهاكاتها دون رقابة.
يُرجح أن تؤدي هذه القيود إلى تفاقم العنف ضد النساء والأقليات العرقية والدينية، مثل الهزارة الشيعة والمجموعات غير البشتونية. ويخشى حقوقيون أن تؤدي هذه السياسات إلى إعادة سيناريوهات الإبادة الجماعية التي شهدتها أفغانستان خلال فترة حكم طالبـ،ـان الأولى.
ورغم أن الحظر لم يطبق بعد في العاصمة كابل ومعظم المقاطعات، إلا أن التوسع التدريجي لهذه السياسات يهدد بتحويل أفغانستان إلى “دولة بلا صور”، ما يعني القضاء على أي فرصة للتعبير الحر أو توثيق الأحداث.
وفي ظل هذه التطورات، تبدو آفاق الإعلام الأفغاني قاتمة، مع استمرار طالبـ،ـان في تضييق الخناق على الصحافة. وبينما يتزايد القلق الدولي بشأن حقوق الإنسان في البلاد، يرى مراقبون أن المجتمع الدولي مطالب بمزيد من الضغط للحفاظ على ما تبقى من صوت للإعلام الأفغاني.