تصاعد التطرف في باكستان.. الشيعة والأقليات الدينية تحت رحمة الجماعات الإرهابية
أكدت صحيفة “فيرست بوست” الدولية أن باكستان، التي تأسست كملاذ آمن لجميع المسلمين بعد انفصالها عن الهند، قد أصبحت في الواقع أرضاً خصبة للتطرف الطائفي والاضطهاد الديني. حيث يتم التعامل مع الشيعة وغيرهم من الأقليات الدينية كـ”غرباء” في وطنهم، في ظل قبول ضمني من الدولة لهذه الانتهاكات.
وفي مقال افتتاحي للكاتب الهندي عمر غازي، ترجمت مضامينه وكالة “أخبار الشيعة”، أوضح أن الهويات الثقافية والعرقية واللغوية في باكستان قد طغت على “القومية الدينية” المفروضة، مما أدى إلى ظهور انقسامات داخلية طائفية تهدد النسيج المجتمعي. وأضاف غازي أن “فكرة الأمة الإسلامية الموحدة” التي تبنتها باكستان منذ نشأتها كانت خيالاً لا يعكس الواقع، حيث أصبحت باكستان عاجزة عن احتواء التنوع الداخلي.
وأشار المقال إلى صعود الجماعات الإرهـ،ـابية المتطرفة، مثل جماعة سيباه صحابة، التي تأسست كحركة معادية للشيعة في عام 1985 على يد حق نواز جها نجفي.
ومع مرور السنوات، تحولت هذه الجماعات إلى قوى عنف ممنهج موجهة ضد الأقلية الشيعية، حيث تستمر في نشر فلسفة إقصائية تدعو إلى تكفير الشيعة واعتبارهم “أعداء في الداخل” يستحقون العنف. وقد وثقت السجلات الأمنية الباكستانية آلاف الجرائم التي ارتكبتها جماعات مثل “سيباه صحابة” و”لشكر جنجوي” بحق الشيعة، بما في ذلك اغتيالات واسعة النطاق وهجمات تفجيرية، مثل حادثة تفجير مدينة كويتا عام 2013 التي أودت بحياة أكثر من 90 شخصاً.
كما يعاني الأحمديون أيضاً من اضطهاد مشابه، إذ تم تصنيفهم رسمياً عام 1974 بأنهم “غير مسلمين” ومنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية. وتعرضت مساجدهم ومنازلهم للتدنيس والتدمير، في حين وقفت الدولة إما مكتوفة الأيدي أو شاركت بنشاط في حملات القمع، مما يجعل من هذه السياسات شهادة على فشل باكستان في تحقيق “النقاء الديني” الذي وعدت به، والذي أدى بدوره إلى تفشي العنف الديني الداخلي.
وأشار المقال إلى أن الوضع أكثر تدهورًا في إقليم خيبر باختونخوا، حيث تحول نزاع بين قبائل سنية وشيعية في منطقة كورام إلى صراع دموي أودى بحياة عشرات الأشخاص وأوقع مئات الجرحى. وبينما تتلقى القبائل السنية دعماً من الحدود الأفغانية، تُترك العائلات الشيعية دون حماية، عالقة في دائرة عنف طائفي.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن باكستان كدولة تأسست على أساس الحصرية الدينية لم تكن مجرد خطوة سياسية، بل كانت تجربة جذرية تسببت بتكلفة بشرية هائلة، حيث نزح الملايين وفقد الكثيرون أرواحهم. وبالنظر إلى الحالة الراهنة، يتساءل كثيرون حول ما إذا كانت باكستان قد حققت فعلاً ما تصوره مؤسسوها من وطن آمن ومزدهر لجميع المسلمين، خاصة في ظل الانقسامات الطائفية المستمرة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وتصاعد العنف الداخلي.