أخبارالعالم الاسلامي

بعد ثلاث عقود على مجزرة حلبجة.. ما مصير 400 طفل مفقود في إيران؟

بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على مجزرة حلبجةالتي ارتكبها النظام العراقي السابق في عام 1988، لا يزال مصير نحو 400 طفل من المدينة الكردية الشهيرة مجهولًا، بعدما تم نقلهم إلى مستشفيات إيرانية لتلقي العلاج عقب الهجوم الكيمياوي الذي استهدف المدينة. ولم يتمكن هؤلاء الأطفال من العودة إلى وطنهم بسبب مقتل معظم ذويهم وفقدان آثارهم وسط حالة من الفوضى والنزوح الجماعي.
وأدت الهجمات التي شنها النظام العراقي على حلبجة باستخدام الأسلحة الكيمياوية إلى مقتل أكثر من 5000 مدني، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين إلى الأراضي الإيرانية هربًا من الغازات السامة. ومن بين الناجين كان هناك مئات الأطفال الذين تم نقلهم إلى المستشفيات الإيرانية، لكنهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم.
لقمان عبدالقادر، رئيس جمعية ضحايا العنف الكيمياوي لحلبجة، أوضح في تصريحاته أن الجمعية سجلت 119 طفلاً مفقوداً في مستشفيات إيران، وقد قدمت 76 عائلة شكوى بشأن اختفاء أطفالها. مضيفاً أن التحقيقات التي أجرتها الجمعية بالتعاون مع الهلال الأحمر الإيراني والمنظمات المحلية كشفت أن عدد الأطفال المفقودين أكثر من ذلك بكثير، مشيرًا إلى أن حوالي 400 طفل كانوا قد تم تسجيلهم في تلك المستشفيات بعد الهجوم.
وقال عبدالقادر إن الجمعية تقدمت بعدة مذكرات إلى السفارة الإيرانية في بغداد وقنصليتها في إقليم كردستان، إلا أن الردود كانت غير كافية، حيث كان يُطلب من الجهات المعنية التنسيق مع الحكومة العراقية في بغداد. ورغم المناشدات المتكررة، لم تتحقق أي نتائج تذكر، مما جعل قضية هؤلاء الأطفال عرضة للإهمال.
حتى الآن، تم استعادة 8 من الأطفال المفقودين، ولكن الصعوبات التي يواجهها ذويهم في إثبات هويتهم، خاصة بعد وفاة الأسر التي تبنت هؤلاء الأطفال، تُعقد العملية أكثر. وأكد عبدالقادر أن هذا الملف يحتاج إلى اهتمام حكومي عاجل، حيث قد يكون بعض هؤلاء الأطفال الآن في حاجة إلى العودة إلى عائلاتهم الأصلية.
عبدالله حاجي محمود، وزير الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان، صرح أن حكومة الإقليم شكلت لجنة خاصة لمتابعة هذا الملف، وقد تم التنسيق مع القنصل الإيراني الذي أبدى تجاوبه. وأوضح أن اللجنة ماضية في جهودها القانونية للتواصل مع الحكومة الإيرانية بهدف تحديد مصير الأطفال المفقودين.
وفي المقابل، انتقدت الناشطة الحقوقية باخان فاتح، المحامية من حلبجة، أداء اللجنة، معتبرة أن الإجراءات كانت بطيئة للغاية ولم تحقق الأهداف المرجوة حتى الآن، مضيفة أن العديد من العائلات الإيرانية ترغب في إعادة الأطفال الذين لجأوا إليها إلى أهاليهم في حلبجة، لكن التعقيدات الإدارية تحول دون ذلك.
كما أشارت فاتح إلى أن عودة الأطفال إلى وطنهم بعد ثلاثة عقود من الغياب تتطلب تأهيلًا نفسيًا واجتماعيًا، فضلاً عن دعم مادي، حيث يواجه البعض صعوبة في التكيف مع البيئة الجديدة في حلبجة، مما يدفعهم للعودة إلى إيران.
ويظل ملف “أطفال حلبجة المفقودين” أحد أبرز القضايا العالقة منذ المجزرة الكيمياوية التي هزت العالم في 16 مارس 1988، حيث لا تزال التحقيقات جارية لكشف مصير أولئك الذين فقدوا في محيط مستشفيات إيران، ليكونوا ضحايا آخرين لمأساة حلبجة التي أسفرت عن إبادة جماعية بحق المدنيين.
ويذكر أن مدينة حلبجة الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية قد تعرضت لهجوم بالغازات الكيمياوية في 16 مارس 1988، من قبل النظام السابق، وراح ضحيتها أكثر من 5000 شخص مدني، وعدت بمثابة إبادة جماعية، وتم على إثرها اعدام وزير الدفاع العراقي الأسبق علي حسن المجيد عام 2010 بعد إدانته بالهجوم على حلبجة باستخدام الأسلحة الكيمياوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى