أخبارالعالم الاسلاميالمرجعية

ذكرى فتوى التنباك.. حينما أسقط المرجع الشيرازي الاستعمار البريطاني في إيران

يصادف اليوم الأول من شهر جمادى الأولى ذكرى فتوى التنباك التي أصدرها المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره)، والتي قادت إلى ثورة شعبية عارمة في إيران ضد الاستعمار البريطاني. فقد أدت هذه الفتوى إلى إبطال امتيازات التبغ التي كانت تحتكرها شركة بريطانية، مما اضطر الشاه القاجاري إلى إلغاء الاتفاقية، وأخرجت الثورة 400 ألف بريطاني من الأراضي الإيرانية في سنة 1309 هـ.
في عام 1891، وافقت حكومة الشاه ناصر الدين القاجاري على منح امتياز شامل لزراعة وتجارة التبغ في إيران لشركة بريطانية، مما أثار قلقاً واسعاً بين العلماء والشعب الإيراني، الذين رأوا في هذا الاتفاق وسيلة للاستعمار البريطاني للسيطرة على الاقتصاد والسياسة في إيران. تصدّى السيد محمد حسن الشيرازي، المعروف بالمجدّد الشيرازي الكبير، لهذه الخطوة بإصدار فتوى حرّمت استعمال التنباك، معلناً في نصها الشهير: “استعمال التنباك والتتن حرام بأي نحو كان، ومن استعمله كان كمن حارب الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)”.
كان لهذه الفتوى أثر عظيم في المجتمع الإيراني؛ إذ امتثل لها الناس وامتنعوا عن التدخين، وكسّروا كل أداة تستعمل للتدخين، حتى إن بلاط الشاه نفسه تأثر بها. ووفقًا للروايات، فإن الشاه طلب من إحدى زوجاته إعداد نارجيلة، لكنها رفضت قائلة: “هذا حرام”. وعندما تساءل عن مصدر التحريم، ردّت بأن المرجع الشيرازي الذي سمح له بزواجها هو نفسه الذي حرّم التنباك عليه.
امتدت آثار هذه الفتوى إلى كل أرجاء إيران، حيث تخلّى الملايين عن استخدام التبغ امتثالاً لتوجيهات الشيرازي. أدى هذا الامتناع الجماعي إلى خسائر مالية كبيرة للشركة البريطانية، مما أجبر الشاه القاجاري في النهاية على إلغاء الاتفاقية مع الشركة.
وُلد السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره) في 15 جمادى الأولى سنة 1230 هـ، وتسلّم زعامة الشيعة بعد وفاة أستاذه الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سره)، ليصبح أحد أبرز علماء الشيعة وقيادات الحوزة العلمية في النجف الأشرف. وقد تميزت مسيرته العلمية والدينية بتجديد الفكر الشيعي، وتأسيس الحوزة العلمية في مدينة سامراء المقدسة، ليواصل مهمته في دعم القضايا الإسلامية ومواجهة الاستعمار.
إن فتوى التنباك التي أصدرها الشيرازي لا تُعدّ مجرد فتوى دينية، بل كانت شرارة وعي سياسي للمسلمين في وجه الاستعمار، ملهِمةً للأمة الإسلامية في سعيها للاستقلال والتحرر من النفوذ الأجنبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى