أخبارالفن والثقافة

قصة “القصيدة المقبولة” للشيخ الأعسم: كيف نالت قبول أمير المؤمنين (عليه السلام)

قصة “القصيدة المقبولة” للشيخ الأعسم

هل سمعت من قبل عن قصة قصيدة “تبكيك عيني لا لأجل مثوبة”؟ إنها القصيدة التي نظمها العالم الجليل الشيخ محمد علي الأعسم، المعروف بخلقه الرفيع وموهبته الشعرية الفذة. القصة التي ترافق هذه القصيدة تحمل في طياتها معاني عميقة، لتصبح واحدة من أكثر القصائد شهرة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)، حتى أنها لقبت بـ”القصيدة المقبولة”.

الشيخ محمد علي الأعسم، المولود في النجف الأشرف عام 1154 هـ، كان قد كتب قصيدة مؤثرة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) في شبابه. كانت بداية القصيدة تقول:
“قد أوهنت جلدي الديار الخالية
من أهلها ما للديار وماليه”

عندما انتهى الشيخ الأعسم من كتابة هذه القصيدة، عرضها على والده العلامة إبراهيم علي الأعسم، كما كانت عادته في عرض أي نظم قبل تسليمه للخطباء. إلا أن والده، رغم إعجابه بالقصيدة، حذّره من تقديمها للخطباء بسبب صعوبة وزنها الشعري. تألم الشيخ الأعسم الشاب من هذا الرد، لكنه احترم رأي والده.
في تلك الليلة، قام والد الشيخ بالصلاة ووضع القصيدة تحت مصلاه. وعند الفجر، حدث أمر غير متوقع. طرق الباب الخطيب الشهير محمد علي القارئ، الذي كان صديقًا مقربًا من والد الشيخ الأعسم. دخل القارئ بحماس وقال إنه رأى رؤيا عظيمة، حيث كان في الروضة الحيدرية ورأى أمير المؤمنين (عليه السلام) يسلمه ورقة ويطلب منه أن يقرأ منها قصيدة في رثاء ولده الحسين (عليه السلام). استيقظ القارئ وهو يتذكر بيتًا من القصيدة:
“قست القلوب فلم تمل لهداية
تبًا لهاتيك القلوب القاسية”

لدهشة والده، أخرج الورقة التي كانت تحت مصلاه وقدمها للقارئ. ولدهشة الجميع، تبين أنها نفس القصيدة التي رآها القارئ في رؤياه! عندها، أدرك والد الشيخ الأعسم أن هذه القصيدة قد نالت قبولًا خاصًا من أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأطلق عليها اسم “القصيدة المقبولة”.

منذ ذلك الحين، أصبحت القصيدة تُقرأ في مجالس الحسين (عليه السلام) واشتهرت بفضل قصتها العجيبة. والقصيدة هي:

قد أوهنت جلدي الديار الخالية … من أهلها ما للديار وماليه

ومتى سألت الدار عن أربابها … يعد الصدى منها سؤالي ثانيه

كانت غياثاً للمنوب فأصبحت… لجميع أنواع النوائب حاويه

ومعالم أضحت مآتم لا ترى … فيها سوى ناع يجاوب ناعيه

ورد الحسين إلى العراق وظنهم … تركوا النفاق إذ العراق كما هيه

ولقد دعوه للعنا فأجابهم … ودعاهم لهدى فردوا داعيه

قست القلوب فلم تمل لهداية … تباً لهاتيك القلوب القاسية

ما ذاق طعم فراتهم حتى قضى … عطشاً فغسل بالدماء القانيه

يا ابن النبي المصطفى ووصيه … وأخا الزكي ابن البتول الزاكيه

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة … لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتل منكم كربلا بدم ولا… تبتل مني بالدموع الجاريه

أنست رزيتكم رزايانا التي … سلفت وهونت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدة … وتزول وهي إلى القيامة باقيه

لهفي لركب صرعوا في كربلا … كانت بها آجالهم متدانيه

تعدو على الأعداء ظامية الحشى… وسيوفهم لدم الأعادي ظاميه

نصروا ابن بنت نبيهم طوبى لهم … نالوا بنصرته مراتب ساميه

قد جاوروه ها هنا بقبورهم … وقصورهم يوم الجزا متحاذيه

ولقد يعز على رسول الله ان … تسبى نساه إلى يزيد الطاغيه

ويرى حسيناً وهو قرة عينه … ورجاله لم تبق منهم باقيه

وجسومهم تحت السنابك بالعرى … ورؤوسهم فوق الرماح العاليه

ويرى ديار أمية معمورة … وديار أهل البيت منهم خاليه

ويزيد يقرع ثغره بقضيبه … مترنماً منه الشماتة باديه

ابنى أمية هل دريت بقبح ما … دبرت ام تدرين غير مباليه

أو ما كفاك قتال أحمد سابقاً… حتى عدوت على بنيه ثانيه

أين المفر ولا مفر لكم غدا… فالخصم أحمد والمصير لهاويه

تالله انك يا يزيد قتلته … سراً بقتلك للحسين علانيه

ترقى منابر قومت أعوادها … بظبى أبيه لا أبيك معاويه

وإذا أتت بنت النبي لربها … تشكو ولا تخفى عليه خافيه

رب انتقم ممن أبادوا عترتي … وسبوا على عجف النياق بناتيه

والله يغضب للبتول بدون أن … تشكو فكيف إذا أتته شاكيه

فهنالك الجبار يأمر هبها … ان لاتبقي من عداها باقيه

يا ابن النبي ومن بنوه تسعة …لا عشرة تدعى ولا بثمانيه

أنا عبدك الراجي شفاعتكم غدا … والعبد يتبع في الرجاء مواليه

فاشفع له ولوالديه وسامعي … انشاده فيكم واسعد قاريه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى