لا يزال مصطلح “الإسلاموفوبيا” يثير جدلاً كبيراً بين السياسيين والمفكرين في الغرب، وسط مخاوف من تأثيره على حرية التعبير وخلط الدين بالعرق. هذا الجدل أُعيد تسليط الضوء عليه في وقت سابق من هذا العام بعد تعليق عضوية النائب البريطاني لي آندرسون من حزب “المحافظين” عقب تصريحات ضد رئيس بلدية لندن صادق خان، والتي اعتُبرت مسيئة للإسلام. ورغم ذلك، رفض رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك آنذاك وصف تلك التصريحات بأنها “إسلاموفوبيا”، مما أعاد الجدل حول تعريف المصطلح وحدوده.
ويرى بعض الباحثين أن مصطلح “الإسلاموفوبيا” ظهر لأول مرة في عام 1922 من قبل المستشرق الفرنسي إتيان دينيه، ثم أعيد استخدامه في الثمانينيات على يد المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد. إلا أن المصطلح اكتسب انتشاراً واسعاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث شهدت الولايات المتحدة، والغرب بشكل عام، موجة من الخوف من المسلمين ووصمهم بالإرهاب. ووفقًا لدراسات جامعة كامبريدج، بدأ تطوير “الإسلاموفوبيا” كمفهوم في أواخر التسعينيات لجذب الانتباه إلى التمييز والأفعال الموجهة ضد الإسلام والمسلمين في الديمقراطيات الغربية.
وتُعرف الأمم المتحدة “الإسلاموفوبيا” بأنها الخوف والتحيز ضد المسلمين، مما يؤدي إلى استفزازهم وإثارة العداء والتعصب تجاههم، سواء في الحياة الواقعية أو عبر الإنترنت. وتستهدف هذه الكراهية الرموز الدينية والثقافية الإسلامية، ما يجعلها تُعتبر في بعض الأحيان شكلاً من أشكال العنصرية، حيث يُنظر إلى الإسلام كتهديد للقيم الغربية.
وفي عام 2022، خصصت الأمم المتحدة 15 مارس يومًا دوليًا لمكافحة “كراهية الإسلام”، وهو تاريخ يتزامن مع الذكرى السنوية للاعتداء الإرهـ،ـابي الذي استهدف مسجدين في كريستشورش، نيوزيلندا عام 2019. هذا الاعتداء الذي أودى بحياة 51 مسلماً، أظهر للعالم خطورة الإسلاموفوبيا على المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
وفي اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، حذّر خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من تصاعد الظاهرة إلى مستويات مثيرة للقلق. وأشاروا إلى تزايد حالات المضايقات والعنف ضد المسلمين في مختلف أنحاء العالم. واعتبر الخبراء أن الكراهية ضد المسلمين لا تقتصر فقط على التحامل على الدين، بل تؤثر على غير المسلمين كذلك، بسبب التصورات الخاطئة التي تربط الإسلام بأصل عرقي أو جنسية معينة.
ويظل مصطلح “الإسلاموفوبيا” في حالة بحث عن تعريف دقيق وشامل، وسط مخاوف من تداعياته على حرية التعبير، بينما تبقى الجهود الدولية مستمرة لمحاربة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين.