بنسبة تقارب 42% .. تضاعف الإعدامات في السعودية رغم وعود احترام حقوق الإنسان
شهدت السعودية ارتفاعاً حاداً في عدد الإعدامات خلال النصف الأول من عام 2024، مما أثار انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان. ورغم تعهد الحكومة السعودية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، إلا أن التقارير تشير إلى تزايد حالات الإعدام بنسبة تقارب 42% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تم تنفيذ 100 حكم إعدام حتى 15 يوليو 2024، شملت 98 رجلاً وامرأتين، بتهم تتعلق بالقتل والإرهاب والمخدرات. هذه الأرقام تمثل زيادة ملحوظة مقارنة بـ 70 إعداماً تم تسجيلها في نفس الفترة من عام 2023.
وأشار كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إلى أن العديد من هذه الإعدامات تمت بناءً على “جرائم سياسية” مثل “تعريض الوحدة الوطنية للخطر” أو “تقويض الأمن المجتمعي”، ما يثير الشكوك حول عدالة المحاكمات. وأكد روث أن “استخدام القضاء لإسكات المعارضين يتعارض تماماً مع الالتزامات المعلنة للسعودية بتحسين حقوق الإنسان”.
هذا التصاعد في عدد الإعدامات يتناقض مع “رؤية السعودية 2030″، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2017، وتهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتعزيز السياحة غير الدينية. وعلى الرغم من الإصلاحات الاجتماعية التي سمحت للنساء بقيادة السيارات والعمل في مختلف المجالات، فإن تزايد الإعدامات يثير التساؤلات حول جدية هذه الإصلاحات.
وكانت هلا بنت مزيد التويجري، رئيسة هيئة حقوق الإنسان في السعودية، قد أكدت في وقت سابق من هذا الشهر أن “المملكة عازمة على المضي قدماً نحو تحقيق أفضل المعايير الدولية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان”. ومع ذلك، وصف علي الدبيسي، رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، هذه التصريحات بأنها “جوفاء”، مشيراً إلى أن “حقوق الإنسان الفعلية تتطلب الانتقاد والمساءلة”.
من جانبها، أعربت جوي شيا، الباحثة في الشؤون السعودية بمنظمة هيومن رايتس ووتش، عن أسفها لتراجع الحكومة السعودية عن وعودها بالحد من استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم غير العنيفة. وقالت شيا: “شهدنا تراجعاً كاملاً عن هذا التوجه، ما يظهر أن النظام القضائي السعودي تعسفي وقاسٍ بشكل لا يُصدَّق”.
وفي عام 2023، أعدمت السعودية 172 شخصاً، بزيادة ثلاث أضعاف مقارنة بعام 2021 وسبعة أضعاف مقارنة بعام 2020. يعود هذا الارتفاع إلى استئناف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات بعد انتهاء تعليقها في نوفمبر 2022.
وتشير التقارير إلى أن 66 من بين الـ100 حالة إعدام في عام 2024 كانت تتعلق بجرائم قتل، بينما كانت الـ34 حالة المتبقية تتعلق بجرائم الإرهاب والمخدرات. وتفاقم هذا العدد بسبب زيادة تطبيق أحكام “التعزير”، التي تترك للقضاة الفرديين تقدير العقوبة.
وفي سياق متصل، أشارت لينا الهذلول، من منظمة القسط الحقوقية، إلى أن تعزيز حرية التعبير في السعودية قد يسهم في تحسين أوضاع حقوق الإنسان بشكل كبير، مشددة على أهمية وجود نظام للضوابط والتوازنات وآليات للمساءلة.
وأكدت الهذلول أنه “إذا استمرت السلطات السعودية في تكميم أفواه المنتقدين، فإنها ستضاعف من قمعها”، داعية المجتمع الدولي إلى محاسبة الحكومة السعودية على انتهاكات حقوق الإنسان. ورغم محاولات DW للحصول على تعليق من هيئة حقوق الإنسان في السعودية، لم تتلقَّ رداً حتى الآن.
وتبرز هذه التطورات الحاجة الملحة لمراجعة السياسات والإجراءات المتعلقة بحقوق الإنسان في السعودية، وضمان تحقيق العدالة والشفافية في النظام القضائي، بما يتماشى مع المعايير الدولية.