الإجهاد الحراري: ظاهرة قاتلة تتسبب في وفاة العديد من الحجاج في مكة المكرمة هذا العام
شهد موسم الحج هذا العام حالات وفاة عديدة بين الحجاج في مكة المكرمة، نتيجة لتعرضهم لدرجات حرارة مرتفعة وما يسمى بالإجهاد الحراري. هذا المرض، الذي يمكن أن يكون قاتلاً، يثير تساؤلات حول طبيعته وتأثيراته وطرق الوقاية منه.
ما هو “الإجهاد الحراري”؟
الإجهاد الحراري، أو “الإنهاك الحراري”، هو حالة طبية تحدث عندما يتعرض الجسم لدرجات حرارة عالية لفترة طويلة، مما يؤدي إلى زيادة مفرطة في حرارة الجسم، ويحدث الإجهاد الحراري عندما لا يتمكن الجسم من تبريد نفسه بفعالية في ظل الطقس الحار، مما يؤدي إلى أعراض تشمل التعب، والضعف، والدوار، والصداع، وتسارع ضربات القلب، والجفاف.
ويُعد فقدان الماء والأملاح من الجسم، الناتج عن التعرق الشديد أو الجفاف، سبباً رئيسياً للإجهاد الحراري. ويمكن أن تتفاقم الحالة بسرعة إذا لم يتم اتخاذ تدابير لخفض درجة حرارة الجسم، وقد تتطور إلى ضربة شمس مهددة للحياة إذا لم تتم معالجتها على الفور.
كيف يمكن أن يكون الإجهاد الحراري قاتلاً؟
الإجهاد الحراري هو أحد أكثر الأسباب شيوعًا للوفيات المرتبطة بالطقس. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الإجهاد الحراري يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، واضطرابات الصحة العقلية، كما يمكن أن يزيد من خطر الحوادث وانتشار بعض الأمراض المعدية.
إذا لم يتم التعامل مع الإجهاد الحراري بشكل صحيح، فإنه يمكن أن يتطور إلى ضربة شمس، وهي حالة خطيرة يصل فيها درجة حرارة الجسم إلى 40 درجة مئوية أو أكثر. ضربة الشمس يمكن أن تؤدي إلى تلف دائم في الأعضاء أو حتى الموت.
تأثير التغيرات المناخية
تتزايد حالات الإجهاد الحراري بشكل ملحوظ بسبب تغير المناخ. منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الوفيات المرتبطة بالحرارة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا قد زادت بنسبة 85٪ على مستوى العالم خلال العقدين الماضيين. وتُظهر الدراسات أن التغير المناخي يزيد من تواتر وشدة موجات الحر، مما يزيد من التحديات الصحية، خاصة في المناطق ذات الطقس الحار.
في مكة المكرمة، حيث بلغت درجة الحرارة يوم الإثنين 51.8 درجة مئوية وفقًا للمركز الوطني السعودي للأرصاد، تتزايد صعوبة أداء فريضة الحج في ظل ارتفاع درجات الحرارة المستمر. دراسة سعودية نشرت مؤخرًا أشارت إلى أن درجات الحرارة في مناطق الحج ترتفع بمعدل 0.4 درجة مئوية كل عقد.
كيفية الوقاية من الإجهاد الحراري
للوقاية من الإجهاد الحراري، يُنصح باتباع عدة إجراءات:
- البقاء في أماكن باردة: تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة، والبقاء في الظل أو الأماكن المكيفة.
- الحفاظ على الترطيب: شرب كميات كبيرة من الماء لتجنب الجفاف، وتجنب المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول.
- ارتداء الملابس المناسبة: ارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة للمساعدة في تبريد الجسم.
- مراقبة الأعراض: الانتباه إلى علامات الإجهاد الحراري مثل الدوخة والتعب المفرط، وطلب المساعدة الطبية فوراً إذا ظهرت الأعراض.
جهود لمواجهة الإجهاد الحراري
لمواجهة هذه المخاطر المتزايدة، تحتاج السلطات إلى تطوير استراتيجيات للتعامل مع الحرارة تشمل تحسين الإسكان وتوفير مرافق تبريد وتوعية الحجاج بكيفية الوقاية من الإجهاد الحراري. كما أن الاهتمام بالصحة العامة وتوفير خدمات الطوارئ السريعة يمكن أن يساهم في تقليل تأثيرات الإجهاد الحراري وحماية حياة الحجاج.
موسم الحج هذا العام شهد مشاركة نحو 1.8 مليون حاج، منهم 1.6 مليون من الخارج، وفقاً للسلطات السعودية. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، فإن التأكيد على التدابير الوقائية لمكافحة الإجهاد الحراري أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان سلامة الحجاج في المستقبل.