صحيفة إندونيسية: مراسيم دينية ومعاني إنسانية تتكرر سنوياً في ذكرى عاشوراء الحسين (عليه السلام)
نشرت صحيفة “آيو باندونغ Ayo Bandung” المحلية الإندونيسية تقريراً خاصاً، سلّطت من خلاله الضوء على مراسيم العزاء الحسيني في مدينة “بنجكولو” الساحلية الشهيرة قبيل حلول شهر محرم الحرام من كل عام.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، إن “السكان المحليين قد واظبوا على إقامة المراسيم المسماة محلياً بـ (تابوت) وسط حماس متزايد سنوياً، الى درجة أصبحت معها هذه المراسيم الجامعة بين الدين والثقافة، جزءاً لا يتجزأ من حياة سكّان المدينة، فضلاً عن كونها عامل جذب للسياح الراغبين في معرفة المزيد عن ثراء الثقافة الإندونيسية”.
وبيّن التقرير أن “مراسيم (تابوت) تقام سنوياً عند حلول شهر محرم الحرام تكريماً لما وصفه بـ (الحدث المأساوي) الذي شهدته أرض كربلاء، بإستشهاد، سبط النبي الأكرم محمد، الإمام الحسين بن علي (صلوات الله عليهم)”، مشيراً الى أن “هذه المراسيم كما يشير إسمها المأخوذ من اللفظ العربي، تتمثل بعرض نسخة طبق الأصل من تابوت الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، والمصنوع بحرفية عالية وبزخرفة جميلة، في موكب إحتفالي رسمي، مصحوباً بصلوات وأناشيد حزينة تمس شُغاف القلوب”.
وبيّنت كاتبة التقرير، “مونيكا يوني أستوتي”، أن “تقليد الـ (تابوت) ليس مجرد إحتفال ديني سنوي وحسب، بل يحتوي أيضاً على معنىً عميق، حيث أنه يعكس روح النضال ضد الظلم، والوفاء لقيم الحق، والإصرار على الدفاع عن المعتقدات الدينية”، مؤكدةً إنه “تم تصميم كل عنصر من عناصر هذا الاحتفال، بدءاً من صنع النعش الرمزي، وحتى الموكب الاحتفالي، بعناية تامة لضمان الحفاظ على التراث الثقافي والروحاني لمدينة (بنجكولو) وتقديمهما بالإحترام اللائق بها”.
وأوردت “أستوتي” في سياق تقريرها، بعضاً من معالم المراسيم الحسينية المحلية، ومنها إرتداء أبناء (بنجكولو) لملابس نموذجية خاصة بهذه الذكرى، في الوقت الذي يتم فيه الطواف بمجسم الـ (تابوت) في جميع أنحاء المدينة مصحوباً بالموسيقى التقليدية، فيما يتوافد السكان المحليون لمشاهدة المسيرة، لترديد الصلوات والدعاء طلباً لمستقبل مليء بالسعادة والبركة”.
وتابعت الكاتبة، أنه “بصرف النظر عن جوانبها الدينية والروحية، فإن هذه المراسيم تعد ذات تأثير كبير في تعزيز التضامن الاجتماعي بين سكان المدينة، حيث تمثل المشاركة الجماهيرية الواسعة فيها، فرصةً لتعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع، بعيداً عن أية إعتبارات عرقية أو دينية، مما يعكس إنتشار مفهوم التسامح الذي يعد أساساً قوياً للحياة الاجتماعية في هذه البقعة من الأرض”.
وشددت الصحيفة في ختام تقريرها، على إن “الخلود الراسخ لمراسيم (تابوت) بالرغم من تغير الأزمان، يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك، إن هذه المراسيم، لا تعدّ جزءاً من تراث (بنجكولو) الثقافي وحسب، وإنما شكلاً من أشكال التراث القيم لجمهورية إندونيسيا ككل”، داعيةً الى الحفاظ على هذا التقليد الشعبي العريق من خلال الولاء والمثابرة من أجل نقل القيم النبيلة التي يحملها، إلى الأجيال القادمة، مع فتح الباب أمام العالم أجمع للإستمتاع بحضوره وتقدير الثقافة الغنية التي يبرزها”.