انتقد تقرير في لصحيفة الـ”غارديان” البريطانية ادعاء رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بأن بلاده “أُمُّ الديمقراطية في العالم” في وقت يتعرض فيه مسلموها للقتل، والتنكيل بهم من قبل الشرطة، ويعاني طلابهم من سوء المعاملة في المدارس.
وذكرت هذه الصحيفة البريطانية تقريرها، أن مودي يحرص على إظهار الهند على أنها “أُمّ الديمقراطية” واصفة فترة حكمه بأنها “أكثر الحقب غير الديمقراطية في تاريخ البلاد”.
وجاء نشر التقرير -الذي أعدته رنا أيوب كاتبة العمود بصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، بمناسبة انعقاد قمة العشرين التي تستضيفها العاصمة الهندية.
ولفتت الكاتبة إلى أن مودي أثناء زيارته الولايات المتحدة العام الماضي تغنَّى بفضائل الديمقراطية، مشيداً في الوقت نفسه بدولته العلمانية الجامعة، وممجداً الزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي.
لكن هذه “المزايدات” بحسب ما وصفتها الـ (غارديان) لا تعدو أن تكون في واقع الأمر “مظهراً بغيضا”، فالحقيقة المُرة أن الأقليات في الهند تتعرض في الوقت الراهن لهجمات لا هوادة فيها، وضربت الكاتبة مثلاً على ذلك حادثة إطلاق شرطي يدعى شيتان كومار سينغ النار في 31 يوليو/تموز الماضي النار على ضابط كبير، ثم شرع في قتل 3 ركاب مسلمين.
وبعد أيام من الحادثة، ألقى رئيس وزراء ولاية آسام الشمالية الشرقية، هيمانتا بيسوا سارما، باللائمة على بائعي الخضراوات المسلمين لتسببهم في ارتفاع معدل التضخم بالولاية.
وفي وقت سابق من هذا العام، نُظمت العشرات من المسيرات في جميع أنحاء ولاية ماهراشترا، حضرها قادة من حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، للمطالبة بقوانين ضد الزواج بين الأديان.
ويتعرض مسلمو الهند للإذلال في الشوارع، وشيطنتهم وتشويه سمعتهم على شاشات السينما، وفي ظل الثقافة المشبعة بالصور التي تظهر المسلمين على أنهم خونة مناهضون للهند، لم يكن مفاجئاً أن وجدت هذه البلاد نفسها إزاء حادثة تعرض فيها تلميذ مسلم للصفع من زملائه نزولا على تعليمات من معلمتهم.
وتتطرق كاتبة التقرير إلى مؤتمر صحفي عقده مودي عند زيارته الولايات المتحدة، فعندما سئل عن سجل بلاده لحقوق الإنسان، فكان جوابه “غير مقنع” حيث ردد كلمة “الديمقراطية” أكثر من 10 مرات.
وأوضحت غارديان -في تقريرها- أن مودي يتحدث بلسانين: فهو يتكلم بطلاقة عن غاندي والديمقراطية أمام أنظار العالم، لكنه يؤثِر “لغة الصمت” عندما يتعلق الأمر بالتصرفات الهندوسية القومية “العنيفة”.
وتواصل الكاتبة انتقادها لمودي فتقول إن رئيس الوزراء يقدم نفسه على أنه “زعيم عالمي” من خلال استضافة الهند قمة العشرين، وتصوره القنوات الإخبارية الرئيسة “الجبانة” في الهند باعتباره الزعيم الوحيد الذي يملك حل الأزمة الأوكرانية وغيرها من القضايا العالمية، دون التشكيك في عجزه عن معالجة الاضطرابات المدنية في بلاده.
وتضيف أن المناقشات الجارية الآن -خلال أسبوع انعقاد قمة العشرين- تركز على إعادة تسمية الهند واستبدالها بكلمة “بهارت” باللغة الهندية، وذلك “للتحرر من القيود الاستعمارية”.
وتعتقد الكاتبة في تقريرها أن الدافع وراء تلك المناقشات هو رغبة اليمين السياسي في استعادة “المجد الهندوسي” للأمة.
ويُحمل التقرير الدول الأجنبية وزر الدعاية الإعلامية الخاطفة التي تصف الهند بأنها أكبر ديمقراطية بالعالم، حرصاً على مصالحها التجارية والجيواستراتيجية، أو بسبب التكاسل والسذاجة، متهمة تلك البلدان بالتواطؤ في الدفع للتدهور المتسارع للقيم الديمقراطية في الهند.