مركز الإمام الشيرازي يناقش دور المثقف الحقيقي وينتقد المتخندقين والبعيدين عن واقعهم بسبب انجرارهم نحو السلطة
وصفَ الباحثُ في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث محمد علاء الصافي، دورَ المثقف العربي في الوقت الحاضر بالباهت وغير الفاعل، والتي عزاها لأسباب عديدة على رأسها تغييب دور المثقفين الحقيقيين وانخراط آخرين في تحالفات مع القوى الحاكمة.
جاء ذلك خلال الندوة التي عقدها المركز تحت عنوان (المثقف ودوره في التغيير الاجتماعي.. مكافحة الاستبداد طريقاً)، بحضور عدد من الباحثين وكذلك المشاركين عبر المنصّات الرقمية.
وقال الصافي في ورقته التي قدمها في الندوة التي حضرتها (وكالة أخبار الشيعة): إن “دور المثقف في العالم العربي أصبح باهتاً؛ نتيجة لأسباب عدة لعل أهمها التجريف الذي مورس بحق الحركة السياسية العربية، وأفكارها، وتغييب دور الطبقة الوسطى، الملهمة في الفنون والفكر والأدب، وأيضاً بسبب انخراط عدد لا يستهان به من النخب الثقافية في تحالف مع قوى السلطة الحاكمة”.
وأضاف بأن “هناك دوراً مهماً للمثقف، وهو تقديم الأفكار والحلول المختلفة لكل المشكلات، ومن أجل المجتمع وحرياته واستقلاله وتقدمه، فالحضارة لا تقوم على الجهلاء، وإنما على المثقفين والأذكياء، وذلك بنقل التجارب الناجحة للناس ودفعهم الى العمل بها وفق ظروفهم”.
وأوضح الصافي بأن “أهم تعريف للمثقف، هو من يحاول تحطيم قوالب الأنماط الثابتة والتعميمات التي تفرض قيوداً شديدة على الفكر الإنساني وعلى التواصل ما بين البشر”.
وأكّد بأن “على المثقّف النموذجي والأولى له، أن يتموقع في المجتمع المدني ويظهر، وعليه رفض التعابير السهلة، والأفكار الجاهزة، والمواقف الملتبسة، إزاء خطابات رجال السلطة وأفعالهم”.
وانتقد الصافي عدداً كبيراً من المثقفين العرب الذين فضلوا بحسب قوله: “التخندق في أبراج عالية، بعيداً عن المجتمع، وموروثه وتقاليده وأعرافه والعناصر التي صنعت تاريخه”، مشيراً إلى أن “ذلك إلى حالة من الفصام والتناقض بين الأمل لتغيير الواقع الاجتماعي وبين الانعزال عنه”.
ورأى الباحث بأن “استئناف المثقف دوره من جديد يأتي من خلال مدخل يربط النظر بالفكر والقلم بالعمل؛ ويتمثّل ذلك في هبوط المثقف إلى الهموم اليومية التي يعيشها المواطن العربي، بدلًا من التنظير والانعزال عن الناس، ويعطي عنه صورة رجل التأمل المتجرد المُنفصل عن الواقع”.
ولفت إلى أن هناك “عزلة كبيرة تفصل بين المثقف العربي، خصوصاً المثقف الحداثي، والدين، وهذا ما أحدث فجوة كبيرة بينه وبين الجمهور بسبب انفصاله عن جذوره الحضارية، واعتماده نهج التغيير الفوقي الآتي من أعلى، المتعالي على القوى المتشكلة في الواقع، والمتجاهل دينامياتها”.