صحيفة إندونيسية: لم يتيقن المسلمون من فسق يزيد بن معاوية إلا بعد عامين من فاجعة كربلاء
إستذكرت صحيفة “جيو تايمز Geo Times” الإلكترونية الإندونيسية، وعبر مقال إفتتاحيٍ مفصل، حادثة “الحرّة” الشهير بوصفها “مأساة تحولت إلى تاريخ مظلم”، فيما اشارت الى أن المسلمين لم يتيقنوا من فسق يزيد بن معاوية إلا بعد عامين من فاجعة كربلاء.
وقالت الصحيفة في مستهل مقالها، إنه “بعد حوالي عامين من موقعة كربلاء الأليمة سنة (61 هـ)، دعا يزيد بن معاوية (لعنهما الله) بعض وجهاء المدينة المنورة إلى قصره في الشام، وهناك شهد الناس بأنفسهم موبقات وأفعال يزيد المنافية للشريعة الإسلامية، والتي رفض بسببها حفيد رسول الله، الإمام الحسين بن علي (صلوات الله عليهم)، مبايعته لولاية أمر المسلمين، وكان من نتائج هذا الرفض، إندلاع هذه موقعة غير المتكافئة”.
وأضاف كاتب المقال “هيري بيرمانا”، أنه “بعد هذه الزيارة، أصبح أهل المدينة أكثر اقتناعاً بأنهم لا يريدون الولاء ليزيد كخليفتهم الجديد، ليكون هذا الموقف، الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية، حيث ثار غضب يزيد على إثر هذا الموقف، وأرسل ما يقرب من (27,000) جندي بقيادة (مسلم بن عقبة) لإخماد نيران التمرد وإجبار أهل المدينة على الإستسلام وتقديم البيعة”.
وأورد “بيرمانا” في سياق مقاله، سلسلة الأحداث اللاحقة لهذا الهجوم البربري على مدينة رسول الله “صلى الله عليه وآله” حتى نزول مسلم بن عقبة وأزلامه في بلدة “الحرة” شرقي المدينة المنورة دون أي اعتبار لقدسية هذه البقعة كونها المكان الذي تجمّع فيه أهل يثرب سابقاً وسط طقس شديد الحرارة انتظارا لقدوم النبي صلى الله عليه وآله بُعيد هجرته من مكة المكرمة في بداية الدعوة الإسلامية”.
وبيّن الكاتب أن “هذا الموقع كان قد شهد ما عُرف بعدها بـ (حادثة الحرة) التي تضمّنت مذابح وحملات إغتصاب جماعي إرتكبتها قوات يزيد بحق المدنيين في مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) بالتزامن مع توليه سدة الحكم في الشام خلفاً لوالده معاوية عام 682م”.
وأشارت الصحيفة الإندونيسية الى أن “من بين ضحايا مقدمات هذه الحرب فقط، أكثر من (700) شخص من حفظة القرآن و(80) من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيما زاد من أهوالها ما أقدم عليه (مسلم بن عقبة) بعد دخوله المدينة المنورة، عندما إحتجز جميع سكانها مخيراً إياهم بين إعلان البيعة ليزيد أو قطع رؤوسهم على الفور وأمام الحشود المحتجزة، ليطلق بعدها جنوده لتنفيذ عمليات قتل جماعي بحق السكان الأبرياء، والإستيلاء على الممتلكات بالقوة بحجة (غنائم الحرب)، وإغتصاب النساء المسلمات في جميع أركان المدينة المنورة ولمدة ثلاثة أيام متتالية”.
ونوّه مقال الصحيفة الى ورود ذكر هذه الحادثة التي وصفها بـ “السادية” في جميع مصادر المسلمين، بينها “البداية والنهاية” لإبن كثير و”عمدة القارئ” لإبن هشام، حيث لم يتوقف إجرام جيش الشام حينها، على ذبح أغلب رجال المدينة، بل تعدّاه الى أفعال شنيعة كإخراج الأجنة من أرحام أمهاتهم، وقتل الأطفال، والتعذيب، والاغتصاب، الى درجة سُمي معها “مسلم بن عقبة” بـ “المسرف” نظراً لتجاوزه جميع حدود الدين والإنسانية آنذاك.
وبيّن المقال أن “هذا الحدث أصبح أول جريمة اغتصاب جماعي في التاريخ الإسلامي، حيث لم يفرّق المعتدون حينها بين ضحاياهم سواءً كنّ من زوجات الصحابة والتابعين، أو بناتهم المسلمات، أو حتى الأطفال الصغار، لتنجب آلاف الضحايا المسلمات بعدها، أطفلاً لم يُعرف آبائهم، والذين عُرفوا في وقت لاحق بإسم (أولاد الحرّة)، فيما تذكر المصادر التأريخية، أن ضحايا هذه المذبحة أو أجزاءً من أشلائهم، قد دفنت في مقبرة البقيع مع بقية آل بيت النبي محمد تكريماً لهم”.